تحتفي الجزائر الثلاثاء بالذكرى الـ 63 لاستشهاد عميد النضال النقابي الشهيد عيسات إيدير الذي خاض العديد من الجولات من أجل تأسيس نقابة وطنية تدافع على حقوق العمال الجزائريين، وعيسى ايدير هو أول أمين عام للإتحاد العام للعمال الجزائريين ( 26 جويلية 1959 / 2022 ).
والشهيد عيسات إيدير من مواليد سنة 1919 بقرية جمعة صهاريج قرب مدينة تيزي وزو ، من عائلة فلاحية متواضعة الحال، تلقى تعليمه الابتدائي بقريته ومنها انتقل إلى مدرسة تكوين الأساتذة ببوزريعة لمواصلة دراسته ومن هذه الأخيرة انتسب للمعهد الثانوي الفرنسي بتيزي وزو ، واستمر في هذا المعهد حتى حصوله على شهادة الطور الأول من التعليم الثانوي، إلا أن الحالة الاقتصادية لأسرته حالت دون الاستمرار في الإنفاق عليه مما أرغم على ترك مقاعد الدراسة، وهذا حسب المعلومات التي تحصلت عليها الجمهورية من مديرية المجاهدين وذوي لحقوق لولاية وهران عن المسار النضالي للشهيد.
وفي سنة 1935 التحق بعمه بتونس حيث تابع دراسته العليا في الاقتصاد بالجامعة التونسية إلى غاية 1938، في سنة 1944 دخل عيسات إيدير ورشة صناعة الطيران ، ولم يلبث حتى رقي إلى رتبة رئيس قسم المراقبة الإدارية مما دفع بإدارة الورشة لإرساله إلى المغرب ليقوم بنفس العمل في مطار الدار البيضاء.
وفي هذا الوسط العمالي بدأت تظهر ميوله النقابية واهتم بالدفاع عن مصالح العمال الجزائريين، مما دفع برفاقه إلى انتخابه عضوا في اللجنة التنفيذية لعمال الدولة، وهي لجنة تابعة للنقابات الشيوعية الفرنسية. وخلال عمله النقابي ضمن هذه اللجنة شعر بأن النقابات الفرنسية حتى ولو كانت شيوعية الميول لا تهتم بالعامل الجزائري بقدر ما تهتم بقضايا وانشغالات العمال الأوربيين.
عن فكرة تأسيس أول منظمة نقابية جزائرية، ذكر الدكتور سمير ناصري، أن فكرة تأسيس منظمة نقابية جزائرية جاءت بعدما أثارت أفكار عيسات إيدير حفيظة النقابات الفرنسية، فأخذت تسعى لإبعاده عن مناصب المسؤولية، خاصة في سنة 1951 عندما داهمت الشرطة الفرنسية المصنع الذي كان يعمل به وألقت القبض عليه برفقة 10 عمال جزائريين ولم يطلق سراحه إلا بعد 10 أيام ، بعدها التحق بوظيفة أخرى في صندوق المنح العائلية التابع لقطاع البناء والأشغال العمومية، وأصبح مسؤولا عن اللجنة المركزية للشؤون النقابية التابعة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية من 1949-1954، كان نشاطه لبث العمل النقابي سببا لسجنه مرة أخرى من قبل السلطات الاستعمارية في 22 ديسمبر 1954، قبيل اندلاع الثورة المسلحة أطلق سراحه ، مضيفا أن جهود عيسات إيدير ومساعيه كان لها الأثر الكبير في تأسيس أول منظمة نقابية جزائرية متمثلة في الإتحاد العام للعمال الجزائريين في فيفري 1956، وتعينه أمينا عاما، مكنه هذا المنصب أن يشرف على تنظيم فروع وخلايا الاتحاد وأستمر على هذا النحو حتى تاريخ توقيفه في 23 ماي 1956 بأمر من روبير لاكوست الوزير المفوض بالجزائر.
وبسبب نشاطه النقابي أدخل سجن البرواقية، ومنه إلى عدة محتشدات سان لو، آفلو، بوسوي، ومن هذا الأخير نقل إلى العاصمة ليوضع بسجن برباروس (سركاجي)، ومن التهم التي ألصقتها به السلطات الاستعمارية تهمة النيل من أمن الدولة الفرنسية الخارجي ، وفي يوم 13 جانفي 1959 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها ببراءته، ولكن بالرغم من تبرئته ، فإنه لم يطلق سراحه وإنما نقل من جديد إلى محتشد بئر تراريا حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب وأقساها مما أضطر بإدارة المحتشد إلى نقله إلى المستشفى العسكري، وإستشهد عيسات إيدير في 26 جويلية 1959 متأثرا بالتعذيب المسلط عليه.
لقد عرفت عملية اغتيال عيسات إيدير الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين موجة واسعة من الاستنكار والسخط في عدة دول من العالم، وقد وردت برقيات الاحتجاج والاستنكار من المنظمة العالمية للنقابات الحرة وجامعة النقابات العالمية والاتحاد العالمي للزراعيين والنقابيون العرب والنقابات الشيوعية الفرنسية، ولم تكتف هذه الهيئات بالاستنكار، وإنما طالبت الحكومة الفرنسية بتسليط الضوء على الظروف الغامضة التي رافقت عملية استشهاده. لقد ضحى عيسات إيدير في سبيل الوطن واختار النضال النقابي للدفاع عن حقوق العمال الجزائريين والانخراط في الثورة التحريرية.