احتضنت اليوم ولاية غليزان الندوة الوطنية التاريخية حول سيرة و شخصية الشهيد الرائد بن عدة بن عودة المدعو «سي زغلول»، التي نظمتها المنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة و تبليغ رسالة الشهداء لمكتب غليزان تحت رعاية والي الولاية، و هذا إحياء للذكرى الستين لاستشهاد الكوموندو «سي زغلول » شهيد الدقائق الأخيرة عن تاريخ إعلان وقف إطلاق النار و المصادفة لتاريخ 14 مارس من عام 1962 حيث انطلقت الفعالية بعرض شريط وثائقي عن رائد جيش التحرير الوطني بالمنطقة الرابعة للولاية الخامسة و أحد رموز الثورة الجزائرية و من أبرز قادتها.
خلال هذه الندوة الوطنية التي احتضنتها دار الثقافة المجاهد« امحمد ايسياخم » وبمشاركة أساتذة و باحثين في التاريخ ،و شخصيات وطنية و مجاهدين من الأسرة الثورية ، قدمت عدة محاضرات حول هذه الذكرى المجيدة من خلال محاور هامة حول مناقب الشهيد القائد بن عدة بن عودة و بطولاته و تضحياته الجسام في محاربة قوى الاستدمار الفرنسي و الدفاع عن حرية الوطن .
و كان قد ألقى ممثل وزير المجاهدين و ذوي الحقوق إلياس علي شيكوش كلمة استعرض فيها مسيرة نضال الشهيد القائد سي زغلول و أبرز محطاته الحافلة بالبطولة والشجاعة والعطاء، ومن جانبه الأمين الوطني للمنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة و تبليغ رسالة الشهداء عبد الكريم خضري، رافع من أجل استيراتيجية وطنية لحماية الذاكرة الوطنية وترسيخ قيم و مبادئ الثورة التحريرية لدى النشء، مؤكدا على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية والثوابت الوطنية وبناء جسور تواصل بين أجيال المستقبل للحفاظ على رسالة الشهداء . هذا و في الـ 14 مارس من عام 1962، بأيام فقط عن تاريخ 19 مارس من نفس العام تاريخ إعلان وقف إطلاق النار في حرب التحرير، سقط بن عدة بن عودة المدعو " سي زغلول " شهيدا للدقائق الأخيرة في ميدان الشرف، حيث حلت بالأمس الذكرى الستون للكوموندو "سي زغلول " ابن منطقة غليزان الذي التحق بصفوف الثورة التحريرية قبل العام 1955، إذ عين قائدا للعمليات العسكرية برتبة ملازم ، ثم تولى قيادة المنطقة الممتدة من ندرومة إلى وهران ، ليستلم " سي زغلول " مهامه على 3 كتائب في منطقة مداغ ، كما شارك في عدة معارك ضد العدو الفرنسي و نذكر منها معركة "سيدي غالم " الشهيرة ببلدية طفرواي في ولاية وهران و من ثم رقي البطل إلى ملازم أول بعد انعقاد مؤتمر الصومام سنة 1956 ، فإلى رتبة قائد عسكري بالمنطقة الرابعة للولاية الخامسة قبل أن يلقي عليه المستعمر القبض بضواحي عين تموشنت سنة 1959 على إثر اصابته بجروح خطيرة خلال اشتباك مع الجيش الفرنسي، أين تم اعتقاله وتعذيبه بشتى أنواع التعذيب. و بتاريخ 3 ماي من عام 1960 حكمت عليه المحكمة العسكرية بوهران بالإعدام، غير أنه تمكن من الفرار في العام الموالي. وقد خاض العديد من المعارك البطولية بمختلف مناطق الوطن بعد فراره من السجن و كان الشهيد قد رقي من رتبة قائد إلى رتبة رائد لجيش التحرير الوطني بهذه الولاية التاريخية و قضى في رتبة رائد عامين من الجهاد ليسقط شهيد الثورة في ميدان الشرف بإحدى المزارع الخاصة في منطقة أولاد عائشة التابعة حاليا لبلدية حمري ببلدية جديوية إثر كمين نصبه له العدو الغاشم قبيل ساعات عن إعلان وقف إطلاق النار في الجزائر .
ولد الشهيد بن عدة بن عودة في دوار " عناترة " ببلدية سيدي امحمد بن عودة إلى الضاحية الجنوبية للمنطقة في الفاتح من شهر فيفري عام 1927 و نشأ يتيما بعد وفاة والدته وعمره لا يتجاوز 5 سنوات ، حيث انتقل للعيش عند خاله وهو أحد رجالات الثورة بوهران وتابع الدروس القرآنية بالكتاب زاوية "بن عودة باشا " بحي الحمري أين ترعرع هذا البطل قبل أن يلتحق بجيش التحرير و جبهة التحرير الوطني و لبى نداء الواجب الوطني .
مزرعة " أولاد برخرخ " ببلدية حمري (جديوية) أين سقط شهيدا .
حسب شهادات حية لمجاهدي المنطقة و أميني تنسيقية أبناء الشهداء والمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، فإن البطل كان قد لبى نداء الوطن أثناء الثورة التحريرية و عاد إلى الكفاح مع بواسل رجالات الثورة المظفرة الشهداء الأبرار الذين خاضوا بطولات عظيمة في سبيل الدفاع عن هذا الوطن و رفع رايته.
و كما عين في الجهة الغربية رفقة مجموعة كبيرة التي لبت نداء جبهة التحرير و تجند في صفوف الجيش مع " سي معمر " ابن خنشلة المدعو " بوقندورة " و رضوان و العديد من ضباط الصف، عين كعضو بالولاية الخامسة التاريخية إلى جانب العقيد لطفي و العقيد عثمان و خاض أولى معاركه الشهيرة بمنطقة مداغ ( تموشنت ) واستقر في المنطقة الرابعة التي كانت تضم غليزان و حدودها مكلفا بالجانب العسكري من تخطيط لعمليات كثيرة و معارك بتوجيهات قيادات المنطقة و قد خاض هذا الرائد معارك شوالة ( منداس) و جبل مناور و قربوصة و واد العطش وغيرها، بالإضافة إلى مشاركته في عديد الكمائن التي سقط فيها عشرات الجنود الفرنسيين ، قبل أن يصاب هذا البطل و يدخل السجن الذي فر منه آنذاك، حينها طلبت منه القيادة الإلتحاق بالمغرب لكنه رفض و ظل وفيا إلى قدوم هذه اللحظة التاريخية التي قدم روحه من أجل استقلال هذا الوطن سبعة أيام عن إعلان وقف إطلاق النار تاريخ سقوط شهيد الرصاصة الأخيرة.