تندرج مكافحة المضاربة في صلب اهتمامات الدولة من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطن، وذلك عبر الحفاظ على وفرة واستقرار المواد الغذائية، لا سيما المدعمة منها.
و في هذا السياق، تأتي التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, للحكومة خلال ترؤسه, أمس الثلاثاء، اجتماعا خاصا حول التحكم في السوق ومواجهة المضاربة، حيث أكد على ضرورة التصدي للسلوكات المرتبطة بهذه الظاهرة ومجابهتها بكل صرامة.
و جاءت تعليمات رئيس الجمهورية بعد استعراض الوضع الحالي للسوق وتذبذب توزيع بعض المواد الاستهلاكية وكذا تشخيص الخلل في هذا المجال.
و كان الرئيس تبون قد شدد، خلال ترؤسه الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الاحد الماضي, على دور الحكومة في الحفاظ على وفرة واستقرار المواد الغذائية، لا سيما المدعمة منها, والتصدي لكل أشكال المضاربة، الى جانب إيلاء الأهمية القصوى لتحسين الوضع الاجتماعي للمواطن بالدرجة الأولى.
و تتجلى إرادة الدولة وعزمها على مجابهة هذه الظاهرة من خلال إصدار نص القانون المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة ونشره في الجريدة الرسمية مطلع السنة الجارية بهدف ردع المضاربين وحماية القدرة الشرائية للمواطن.
و ينص القانون المذكور على أن المضاربة غير المشروعة تشمل كل تخزين أو اخفاء للسلع أو البضائع بهدف إحداث ندرة في السوق واضطراب في التموين، بالإضافة الى كل رفع أو خفض مصطنع في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المالية بطريق مباشر أو غير مباشر.
و قد تضمن النص القانوني عقوبات ضد المضاربين قد تصل الى 30 سنة حبسا إذا ما تمت المضاربة في المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع, على غرار الحبوب ومشتقاتها، البقول الجافة، الحليب، الخضر والفواكه، الزيت والسكر، الى جانب المواد الصيدلانية، وقد تصل العقوبة الى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة في إطار جماعة منظمة.
و عن خطورة هذه الظاهرة وتداعياتها، كان وزير العدل حافظ الأختام, عبد الرشيد طبي, قد أكد أن جماعات منظمة تسعى الى زعزعة استقرار المجتمع ومؤسسات الدولة, هي التي تقف وراء المضاربة وندرة بعض المواد الواسعة الاستهلاك.
و لفت السيد طبي إلى أن المضاربة "انتقلت حاليا الى مرحلة أخرى تتعدى رفع الأسعار, وهو ما يؤكده وجود قرائن ودلائل تدفع إلى الاعتقاد بأنها أضحت أفعالا منظمة تهدف الى ضرب استقرار الدولة مباشرة'', معلنا أنه تم "تصنيف القضايا ذات الصلة بالمضاربة ضمن الجرائم التي يقوم بمعالجتها على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية".
و في هذا الصدد، اسفرت العمليات التي قامت بها مصالح الرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة وترقية الصادرات خلال الثمانية أشهر الاولى من السنة الجارية عن تسجيل 136983 مخالفة وتحرير 122252 محضر متابعة قضائية.
و علاوة على ذلك, قامت مصالح الرقابة باتخاذ إجراءات إدارية تحفظية تمثلت في حجز سلع ذات قيمة إجمالية تقدر ب 288ر1مليار دج واقتراح غلق 12058 محل تجاري.
و قد ارتكزت هذه التدخلات أساسا حول احترام إجبارية شفافية الممارسات التجارية، لاسيما الفوترة في مراحل الإنتاج والتوزيع بالجملة.
و في سياق مكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها، تمت متابعة 30 شخصا عبر ثماني ولايات من الوطن في قضايا المضاربة في المواد الغذائية واسعة الاستهلاك.
و يتعلق الامر بولايات بومرداس، الجلفة، الطارف، تبسة، ورقلة، تمنراست، سطيف وسوق أهراس، حيث تم إيداع 25 شخصا الحبس المؤقت, فيما وضع أربعة آخرون تحت الرقابة القضائية وترك شخص واحد في حالة إفراج.