عرض مساء يوم السبت بالجزائر العاصمة الفيلم الوثائقي الطويل "حمص، قصة سلب" للمخرج الفلسطيني عبود العافي، سلط من خلاله الضوء على الاضطهاد الوجودي والثقافي الممنهج الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
يندد هذا العمل، المنتج في 2022 والمقدم في إطار الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للسينما بالجزائر (فيكا)، بالقمع الممارس من طرف هذا الاحتلال ضد سكان البلدة القديمة في القدس المحتلة وسياساته التسلطية اليومية ضد سكانها فمن خلال رمزية طبق "الحمص" الذي تعرف به فلسطين وباقي بلدان الشام، إذ يبين المخرج أن "العدو الصهيوني لا يعمل فقط على سرقة التراث الفلسطيني وإنما محو وجودهم ككل، فهو يسلب حياة الفلسطينيين تماما كما يسلب تراثهم وثقافتهم".
يعتمد العافي، في وثائقيه هذا ذي ال51 دقيقة، أسلوب الحكي لسرد ما عاشه في رحلته التي قادته إلى القدس المحتلة لتصوير فيلمه وما شاهده هناك من إرهاب ممنهج يمارسه هذا الاحتلال ضد أبناء شعبه، موظفا في ذلك شهادات لعدد من سكانها المناضلين على غرار الأسير "سامر أبو عيشة" الذي سجن في الكثير من المرات والشيخ "أبو فلاح" الذي سرق الاحتلال محله الصغير بالبلدة القديمة ومات هو حزنا وكمدا عليه، وكذا النساء المناضلات الحاضرات بوجودهن وكفاحهن في كل مكان.
يشدد سامر أبو عيشة في إحدى حواراته مع المخرج أن "كل ما يربط فلسطين بالمحتل الصهيوني من اتفاقيات وغيرها لا أساس له على الأرض، إذ أن الواقع مخالف تماما فهذا قالمحتل "ينف أي وجود للفلسطينيين"، غير أنه يشدد من جهة أخرى على أنهم "سيواصلون المقاومة وسيتواجدون بأرض فلسطين، اليوم وغدا".
لقد اعتمد المخرج في عمله على أشرطة وصور حقيقية توثق للاعتداءات اليومية بحق الفلسطينيين، رجالا ونساء وأطفالا، ترافقها موسيقى تصويرية حزينة، مع استعمال متكرر للترافلينغ إلى الخلف في إشارة منه إلى الماضي المثقل بالاضطهاد والقمع، غير أن العمل ينتهي بإشراقة أمل وبأن تلك الأرض ستعود عاجلا أم آجلا إلى سكانها الأصليين.
ورغم الحزن الذي تضفيه مشاهد العمل إلا أن هذا الأخير يقدم صورا جميلة للأزقة والدروب المقدسية القديمة التي يعيش فيها الفلسطينيون رغم الاضطهاد، وكذا الحواري والأبواب والأسواق، ومناظر أخرى بانورامية لمدينة القدس ككل بمنازلها العتيقة ومقداستها الإسلامية والمسيحية، بقدسها الشريف وكنيسة القيامة، وبتاريخها القديم الشاهد على أصالة شعبها الفلسطيني.
وقال مخرج هذا العمل، وهو من إنتاج مشترك فلسطيني سوري ألماني قطري، أن "الاستعمار الصهيوني همجي في تعامله مع الفلسطينيين، وفي اضطهاده اليومي لهم"، مضيفا أن الفيلم "مهدى خصوصا للأسرى الفلسطينيين إذ أن أكثر من 800 ألف فلسطيني قد تم أسرهم منذ عام 1967".
عبود العافي، مخرج فلسطيني من مواليد 1966، عاش بالولايات المتحدة الأمريكية أين درس الفنون وعمل مصورا صحفيا قبل أن يبدأ في تصوير الأفلام القصيرة، ويعتبر "حمص، قصة سلب" أول فيلم وثائقي طويل له، وقد سبق وأن عرض في العديد من المهرجانات عبر العالم.
وافتتح مساء أمس المهرجان الدولي ال11 للسينما بالجزائر (فيكا) المخصص للفيلم الملتزم وسط مشاركة 60 فيلما من مختلف البلدان بينها 25 عملا ضمن المنافسة، وتركز هذه الدورة خصوصا على قضايا المقاومة والمرأة والبيئة.