• تلقت تكوين على يد طبيب الثورة الدكتور يوسف دمارجي بولاية تيارت
• حملت اسم زبيدة خلال الثورة بدلا من صليحة والاسم يعود للمجاهدة الكبيرة بنت قابلية
• جدها الحاج يخو رفيق الأمير عبد القادر في الكفاح المسلح ابان المقاومة الثورية
قدمت أمس المجاهدة يخو صليحة بقاعة المحاضرات لكلية علوم الطبيعة والحياة الكائن مقرها ببلقايد ، لمحة مختصرة عن مشوارها الثوري النضالي إبان الثورة التحريرية المجيدة والتي انطلقت بتاريخ 01 نوفمبر 1954 ، خلال الجلسة الثانية لجلسات الذاكرة التي أطلقتها جامعة وهران (1) أحمد بن بلة لاستنطاق الذاكرة وهذا تخليدا للذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال وكذا بمناسبة الذكرى الـ 68 لاندلاع حرب التحرير .
وقد أشرف السيد زهير ملوك عميد كلية البيولوجيا على افتتاح هذا الحدث التاريخي الذي عرف حضور قوي لطلبة ذات الكلية ، الدكتور ملوك اعتبر هذا السرح ذخر كبير تتشرف به الأسرة الجامعية اليوم ، مسلطا الضوء على انطلاقة الجامعة الجزائرية بعد الاستقلال اين كان عدد الطلبة لا يتجاوز الـ 500 طالب وعدد الأساتذة لا يفوق الـ 10 أساتذة ، وفي هذا الصدد قال : " اليوم الجامعة الجزائرية تضم أزيد من مليوني طالب يتمدرسون تحت إشراف أزيد من 85 ألف أستاذ جامعي ، وهذا انجاز عظيم يعود الفضل فيه بالدرجة الأولى للمجاهدين والشهداء الذين قدموا النفس والنفيس من أجل استرجاع الجزائر لسيادتها الوطنية وحريتها ، لننعم نحن اليوم بهذه الحرية ولكي نحافظ عليها وجب علينا إتمام الرسالة وحماية الجزائر من اي تهديدات خارجية ويكون ذلك بتطويرها والتقدم بها نحو الازدهار والرقي وهذه مهمة الجيل الصاعد "
لتحال الكلمة الى السيد العباسي محمد مسؤول خلية الإعلام والاتصال بجامعة وهران ( 1) والذي ناب عن مدير الجامعة السيد مصطفى بلحاكم ، السيد عباسي هو أيضا سلط الضوء على أهمية جلسات الذاكرة التي بادرت بها المؤسسة الجامعية من أجل تنوير فكر الطلبة وكذا جمع معلومات وتدوينها لتبقى للأجيال القادم وتعد بالنسبة لهم خريطة طريق يستنيرون بها لبناء جزائر المستقبل ، وبخصوص مشروع الجلسات فقد ذات المتحدث أن ستتواصل وتعني طلبة الكليات الأربع والمعاهد التي تضمها جامعة أحمد بن بلة وهذا ليستخلص جميع طلبتنا العبرة من خلال قصص وحكايات التي يرويها المجاهدين والمجاهدات الذين ستستقبلهم الكلية على غرار المجاهد فرطاس حسين الذي نشط الجلسة الأولى والتي احتضنتها كلية الآداب والفنون ، والمجاهدة يخو صليحة التي نشطت الجلسة الثانية بكلية علوم الطبيعة والحياة هذا الأربعاء المصادف لـ 07 ديسمبر 2022 .
• عائلة يخو ... اسم ضارب في التاريخ النضالي لولاية معسكر
ليتقدم الدكتور بلحاج محمد أستاذ تاريخ الحديث والمعاصر بجامعة وهران (1) ويعرض على الحضور الذي ملء القاعة على أخرها ، البطاقة التعريفية الخاصة بالمجاهدة "يخو صليحة "، فهي من مواليد 15 جويلية 1940 بولاية معسكر ، المجاهدة تنحدر من أسرة ثورية كتبت اسمها بحروف من ماء الذهب ، اسم عائلة يخو هو ضارب في أعماق منطقة معسكر وفي المقاومة منذ أن وطأ المستعمر قدمه أرض الجزائر، ومعركة المقطع أم المعارك التي خاضتها مقاومة الأمير عبد القادر وفيها تكبد الجيش الفرنسي اكبر خسائره في جميع مستعمراته بالقارة السمراء ، هذه المعركة شارك بها "أولاد يخو " التي تنحدر منها المجاهدة ، وقد عين الأمير جد المجاهدة وهو الحاج يخو كسفير له بولاية وهران ، ومن تم يقوم الدكتور بلحاج بتسليط الضوء على المسار الثوري للمجاهدة يخو صليحة والتي كانت تحمل اسم " زبيدة " كاسم ثوري" هذا الاسم يعود للمجاهدة الكبيرة صليحة بنت قابلية أخت المجاهد دحو ولد قابلية ، فهي كانت تدرس ملتحقة بالمدرسة الفرنسية على غرار الشباب الجزائري في تلك الحقبة ، ثم التحقت بمدرسة جمعية العلماء جمعية الأمير عبد القادر التي كان يشرف عليها والد المجاهدة فتيحة زموشي الشيخ الزموشي هذا العلامة سمي عليه العديد من المدرجات بذات الكلية التي تحتضن الحدث ، وبعدها تركت مقاعد الدراسة لتلتحقت بالثورة التحريرية سنة 1960 ، فهي تعتبر من الرعيل الأول للمجاهدين في المنطقة الـ (6) بالولاية الخامسة ، شاركت في العديد من العمليات الثورية أشهرها معركة لمناور بمعسكر ، تعلمت على يد شخصية كبيرة في تاريخ الطب الثوري وهو الطبيب "يوسف دمارجي " .
• حقد كبير ضد المستعمر الذي منعها من اتمام دراستها دفعها للاتحقاق بصفوف الجيش
ولتفاصيل أكثر دقة عن حياة المجاهدة ويومياتها خلال التحاقها بجيش التحرير ، تقول المجاهدة يخو صليحة : " كنت أحقد بقوة على المستعمر الفرنسي الغاشم ، فبسبب معاملاته الشنيعة للطلاب الجزائريين والتمييز العنصري والعرقي والديني الذي مارسته فرنسا علينا تركت مقاعد الدراسة وأنا في طور الثانوي ، لأجلس بالبيت مدة من الزمن ، وفي يوم من الأيام وأنا أحضر عرس أحد الجيران ، بدأت النسوة الحاضرات بالكلام عن الثورة وأن صيتها وصل الغرب الجزائري ، فبكل تلقائة نطقت قائلة (لوكان نلقى طريق للجبل والله نطلع نحارب هذي فرنسا) ، وبهذه الكلمات لقفتها مجاهدتين كبيرتين وهما المجاهدة صامي حليمة والمجاهدة شراكة سمية كانتا من النسوة الأوائل اللواتي بدأن النضال في ولاية معسكر ، فتواجدهما بالفرح الهدف منه هو جمع معلومات حول الفتيات اللواتي يردن الانضمام لصفوف جبهة التحرير ، ومن تم وقع الاتصال بينهما وبيني إلى أن أوصلاني لجيش التحرير الوطني سنة 1960 عن طريق الفداء دون أن أخبر أهلي مخافة أن يمنعوني ، خرجت من المنزل وعيني كلها دموع بين فرحة الانضمام للمقاومة والسعي للاستشهاد ودموع الحزن وأنا أودع بيتنا العائلي ، ومن تمجاءت سيارة أخذتني إلى زاوية في تاخمارت التي تعود للشيخ سيدي بوداوي ، لأجد هناك الشهيد عائشة صعد الهاشمي التي يسمى عليها أحد شوارع وهران اليوم، هذه الأخيرة تعد من الفدائيات والمجاهدات الكبار الأوائل اللواتي التحقن من ولاية وهران بالثورة ، فبقينا بتلك الزاوية لفترة وهناك تعرفت على ثلة من الرعيل الأول للثوار الجزائريين أذكر منهم عبد الخالق زهدور اليماني ، وبعد إضراب الطلبة الذي عرفته الجزائر ، انضمت لنا أعداد كبيرة من الطالبات بذات الزاوية هذه الأخيرة كان لمشايخها دور مهم في جلب المعلومة وتوفير المأوى والأكل والشرب والتموين المادي وتمويه المستعمر وإبعاده عن مراكز المجاهدين والجيش والفدائيين بالمنطقة ، ليصل عددنا إلى 15 فدائية في الزاوية ، فكلفنا بتكوين النظام النسوي بالمنطقة السادسة حيث قمنا بتعليم النساء الريفيات وتوجيههن من أجل مساعدة المجاهدين وحمل معهم أثقال الحرب من خلال التوعية والإرشاد ومن تم تأسيس نظام لتسيير الحرب بالأرياف والمداشر بمعسكر وسعيدة وتيارت ، وهكذا تم ولوج المرأة الريفية صفوف المعركة أمام المستدمر الفرنسي ، ومع مرور الوقت التحق بالمنطقة الدكتور يوسف دمارجي وعلى يده تعلمت التمريض وكلفت بمهمة تمثلت في المراقبة الصحية والمتابعة الطبية لأطفال القرى والمداشر المجاورة لمركز الثوري الخاص بالمنطقة السادسة ، فقمت بتقديم علاج خاص بالقمل ، الجرب ، الجدري ، الإسهال ، القرع وغيرها من الأمراض والأوبئة التي كانت منتشرة بقوة تلك الفترة ، وبعدها بفترة بلغت من طرف القيادة بوجوب تحولي من منطقة تخمارت إلى ولاية معسكر وهذا بسبب وقوع إعلامية لدى المستعمر ومخافة من وقوعي رهن السجن ، توجهت رفقة المجاهدين الى معسكر ونحن في الطريق وقفنا على معركة المناور ، هذه المعركة التي استعملت فيها فرنسا (النابالم)لأول مرة ، وظلت المعركة قائمة لمدة أربعة أيام دون انقطاع ، الأمر الذي دفعنا للاختباء بغار بأحد الغابات المجاورة ، وبعد نهاية المعركة وعند قيامنا بالخروج أصبت بشلل نصفي ، هذا المرض دفع بالقيادة لاتخاذ قرار مفاده نقلي على جناح السرعة إلى خارج الوطن لتلقي العلاج هناك ، لاتلقى معلومات أن عائلتي متواجدة بذات المكان وعليه استقبلوني وفرحوا عندما علموا أنني على قيد الحياة ، وبعد فترة بلغتنا معلومات أن الجزائر ظفرت باستقلالها وتم إعلان تاريخ 05 جويلية 1962 يوم الاستقلال الجزائري الأكبر ، الفرحة م تسعنا جميعا ، وفي تاريخ الـ 17 جويلية من ذات السنة عدنا لأرض الوطن وكلنا فرح وفخر لما قدمه هذا الشعب الفقير والبسيط والمعزول لأخذ استقلاله بكل قوة " .
وبعد الاستقلال اشتغلت المجاهدة يخو صليحة أمينة عامة لدى رئيس دائرة معسكر وفي سنة 1963 تزوجت بولاية وهران لتشغل منصب مهم بميناء الباهية إلى أن خرجت منه إلى التقاعد .
وللإشارة فان اختيار المجاهدة يخو صليحة لتنشيط هذا اليوم بكلية البيولوجيا نظير النقاط المشتركة بين المسار الثوري النضالي الذي تحمله المجاهدة والمسار الدراسي الذي يتخصص فيه طلبة الكلية .
وقد اختتم هذا الحدث التاريخي بتكريم المجاهد يخو صليحة وزميلتها في النضال وصديقته اليوم المجاهدة الكبيرة فتيحة زموشي .