سوق الأسماك: غلال البحر غالية

سوق الأسماك: غلال البحر غالية
وهران
وفرة بالأسواق حسب المستهلكين تنفيها تصريحات التجار والصيادين وملاك السفن المؤكدين عدم كفاية العرض مقارنة بالطلب، وغلاء في الأسعار حسب المشترين يطرح التساؤل ويثير التعجب بخصوص الإقدام على الشراء والإقبال على الأسواق والمحلات ونقاط البيع، وإلا لما استمر البيع بمستويات الأثمان نفسها ،خاصة وأن سوق السمك من أكثر الأسواق التي تعرف نشاطا كبيرا للمتدخلين والوسطاء ولا حديث فيه عن التكاليف ، ولا علاقة له بالبورصة ولا مؤثرات السوق الدولية ولا المحلية، كل ما في الأمر أن السمك وخلال السنوات الأخيرة وبفعل فاعل أو بفعالية عوامل يصعب تحديد درجة تأثيرها ،صنع لنفسه مكانة ضمن قوائم مشتريات المقتدرين فقط فرفع أسعاره حتى غاب عن موائد الأغلبية من المواطنين ولم يعد في متناول البسطاء المعدمين ممن لم يعد السردين ولا أبسط أنواع الأسماك الزرقاء يدخل قففهم الفارغة، من البروتينات الحيوانية بعد اللحوم الحمراء والبيضاء فلم تساهم على الأقل لحد الآن لا الإستراتيجيات ولا الإصلاحات ولا السياسات المبرمجة في خفض أثمانه بل إنها تزيد من يوم لآخر ولا تحضر الأسماك إلا من وقت لآخر ضمن أطباق الأكثرية من المواطنين، وأما الأسباب فاتفق على تحديدها مهنيو نشاط الصيد بنقص العرض مقارنة بالطلب وإن كان العرض ناقصا فله أسبابه أيضا والتي اختلف في عدها نفس المهنيين بين ما سيتم تناوله بالتحليل، في إطار هذا الروبورتاج من خلال معاينة السوق والاستماع لتبريرات جميع المتدخلين فيه من تجار تجزئة ووكلاء وملاك سفن وعمال بحارة وغرفة الصيد البحري ومديرية الصيد، وهذا بداية بشكاوى المواطنين واستيائهم من حرمانهم من السمك وما يقدمه من فائدة صحية . أثمان ليست في المتناول بأسواق التجزئة والمحلات فأسعار الأسماك تفوق بكثير قدرات المواطن البسيط الشرائية وهذا سواء تعلق الأمر بالأسماك الزرقاء أو البيضاء، فالسردين مثلا كان خلال سنوات مضت في متناول الجميع يشترى بأبسط الأثمان أصبح اليوم يتجاوز 1000 دج وهذا إن وجد أصلا، لأن السوق يوفر اليوم أنواع أخرى من نفس عائلة السردين تتشابه معه في المظهر الخارجي تعرض على أنها سردين بأثمان مقاربة وكثيرا ما يخطئ المواطن باقتنائه سمك "لاتشا"، على أنه سردين وربما حتى "لاتشوطا" صغيرة الحجم والمعروفة لدى المختصين بهذا المجال بوجود خط أصفر رفيع يميزها عن السردين الذي توجد به نقاط صغيرة، وتختلف القيمة الغذائية بين الاثنين لأن النوعين مختلفان في نوع الغذاء الذي تقبل عليه كل سمكة بين الاثنين. ومعروف أن سمك السردين غني بالعديد من الفيتامينات التي أصبح الحصول عليها صعبا ومكلفا لأن سعرها مرتفع وخاصة خلال هذه الفترة التي بدأت مع منتصف الشهر الحالي وستستمر إلى غاية شهر مارس وهي فترة التكاثر التي يمنع فيها الصيد، ومن ثم فإن دخول هذا النوع من السمك يكون قليلا بالمسمكة، حسبما أكده لنا العاملون في مجال الصيد وحسبما وقفنا عليه من خلال زيارتنا للمسمكة، كما أن ارتفاع الأسعار لا يقتصر على السردين، فحسب إنما تعرفه مختلف الأنواع الأخرى بأسواق التجزئة التي ترتفع بها الأثمان أكثر، فمثلا وجدنا السردين يباع بـ 1000 دج للكلغ والجمبري بـ 2200 دج للأبيض و2500 دج للأحمر و7000 دج للجمبري الملكي والنادر جدا بالأسواق، وحتى بالمحلات بما فيها محلات بيع الأسماك التابعة للخواص وحتى منها المعروفة بجودة منتجاتها ومنها محل "جولدن فيش" الموجود بمحور دوران النخلة بحي العثمانية والذي تتوفر فيه مختلف أنواع الأسماك وبجودة حسب تصريحات الزبائن. ورغم ذلك تأكد لنا به عدم توفر الجمبري الملكي لارتفاع أسعاره فيما يتوفر قط البحر بـ 700 دج للكلغ و"الكلمار" بـ 2800 دج للكلغ و"الروجي" بـ 2600 دج للكلغ و"سيبيا" بـ 1400 دج للكلغ و"إيسبادون" بـ 2600 دج للكلغ وهي أسعار جميعها في غير متناول الأغلبية من المواطنين، زيادة على حالات التحايل وبيع الأسماك المجمدة على أنها طازجة وهو ما يدفع بالكثيرين لاختيار محلات معروفة بنوعية منتجاتها . بيع بالمزايدة بالمسمكات ينشط سوق السمك بالمسمكة، بموانئ الولاية الثلاثة : وهي ميناء وهران وميناء أرزيو ومرفأ الصيد بكريشتل يوميا، إلا في حالات عدم خروج قوارب وسفن الصيد بسبب الأحوال الجوية ويسجل دخول المنتجات البحرية بداية من الساعة الرابعة إلى الخامسة صباحا، ويستمر السوق حتى التاسعة صباحا ويتم البيع عن طريق المزايدة أي البيع بالمزاد العلني المباشر والشراء يكون لمن يدفع أكثر وهو ما يساهم في زيادة الأسعار حسب مهنيي هذا النشاط، نظرا لمحدودية الكميات خاصة من بعض الأنواع . إدخال منتوج الصيد يوجه مباشرة للسوق وهو المسمكة التي يوجد بها عدد من الوكلاء يقدر عددهم بمسمكة وهران على سبيل المثال بـ 18 وكيلا يستلمون الكميات لعرضها للبيع للتجار المتعودين على الشراء، حيث يعمل كل وكيل مع بحارة معينين يستلم يوميا سلعهم ويتم البيع بتقديم أحسن سعر وهي عملية تتم بسرعة، لأن تموين المحلات والأسواق يجب أن يتم في الصباح الباكر والعملية حسبما وقفنا عليها تتم بشكل آلي وسريع، فالكل يعمل ويجتهد بهذه السوق ويعرف ما هو مكلف به لتأتي مهمة المحاسبين بعدها لتلقي المقابل وإعداد الفواتير والأسعار من يوم لآخر قد تختلف وقد تتشابه. وما لاحظناه أن تحديدها يكون حسب العرض، لأن التجار عند ملاحظتهم وصول كميات كبيرة من سمك معين لا يعرضون ثمن شراء مرتفع له والعكس صحيح، أما عن الارتفاع فالوصول إلى هذه الأسعار التي تفوق القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين ليس وليد اليوم حسب الصيادين وملاك السفن والتجار، لأن الزيادات اعتمدت منذ أزيد من أربع سنوات، حسبما صرحوا به، وهذا منذ بداية زيادة الأسعار وعدم قدرة الناشطين في مجال الصيد البحري، على تغطية تكاليف العمل بنفس المداخيل السابقة فلم يكن ممكنا استمرار العمل بنفس أسعار البيع خاصة وأن العرض تراجع من الأسماك بسبب عدة أسباب سيأتي تفصيلها ،وبالتالي تغيرت الأثمان وبقيت كما هي مع تغيرات طفيفة من يوم لآخر ولم يعد السردين ولا أنواع أخرى كان المواطنون يتناولونها باستمرار في متناولهم اليوم . أما عن الأسعار بالمسمكة فهي تختلف عن أسواق التجزئة بما قد يؤكد وجود زيادات قد تفوق 50 بالمائة، من سعر الشراء الأصلي بالنسبة لبعض الأنواع من الأسماك وأنواع أخرى، أسعارها متقاربة جدا بين الجملة والتجزئة، كما أن الشراء من المسمكة يكون بالصناديق التي يصل وزنها بين 15 و20 كلغ وهذا لا يناسب إلا التجار ونادرا ما يشتري المواطن بهذه الكميات بالجملة، عكس اللحوم الحمراء مثلا وهو ما يجعل التجار يزيدون في سعر البيع بالتجزئة مقارنة بسعر الشراء جملة. فمثلا بالمسمكة السردين يباع بين 14000 و15000 دج للصندوق أي بسعر 700 دج للكلغ وبالتالي يعرض بأسواق التجزئة بـ 1000 دج للكلغ، هذا عن السردين الحقيقي أما "لاتشوطا" فوجدناها بسوق المسمكة تباع بـ 10000 دج للصندوق أي 500 دج للكلغ تقريبا وقد يظن الكثير من المستهلكين أنها سردين، و"لاتشا" تباع بين 11000 و13000 دج للصندوق وهي كبيرة الحجم مثل السردين ولها نفس مظهره الخارجي ولكنها تختلف معه في القيمة الغذائية، أما "البوقا" فتباع بـ 4500 إلى 5000 دج للصندوق و"الخورير" بـ 7000 إلى 10000 دج للصندوق، أما الأسماك البيضاء فتختلف أسعارها ومنها "الجمبري" الذي تختلف أسعاره حسب النوع، وهي متباينة كثيرا حسب النوعية فالأحمر يكون بسعر قد يفوق 36000 دج للصندوق بـ 15 كلغ، أي 2400 دج للكلغ الواحد والأبيض بـ 1400 دج للكلغ حسب الحجم، أما الملكي فهو نادر الوجود، فيما أن "قط البحر" يباع بـ 6000 دج للصندوق بوزن 18 كلغ و"كلمار" بـ 1600 إلى 1800 دج للكلغ و"روجي" بـ 1200 إلى 1300 دج للكلغ وسمك "سيبيا" بـ 1200 إلى 1300 دج للكلغ و"إيسبادون" بين 700 و800 دج للكلغ. ويصل وزن الحبة الواحدة أحيانا 70 كلغ أما التونة فيتم اصطيادها، خلال فترة واحدة من السنة ولذلك لم نجد منها بالسوق ويكون سعرها أيضا بين 700 و800 دج للكلغ الواحد .

يرجى كتابة : تعليقك