تكلم الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية الدكتور نبيل كحلوش أمام المنعطف وبإسهاب عن السيادة الوطنية ومنظورها القانونية ومبدأ المعاملة بالمثل والندية التي انتهجتها الجزائر لتكون الفاصل بينها وبين من يحاول انتهاك قدسيتها وضرب استقرارها الداخلي ووقف الدكتور عند مسلك المراوغة والمناورة التي اختارتها فرنسا هذه المرة لتخترق الحصن الدبلوماسي وتتعدى على القانون الدولي وتتمادى في حقدها الكولونيالي وتتجاوز السلوك العقلاني في العلاقات الدولية .
وارجع الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية في حوار جريدة الجمهورية حالة المد والجزر التي تعيشها فرنسا والغبطة العشواء التي يشهدها قصر الاليزي إلى الاضطرابات السياسية والاجتماعية الداخلية وبالأخص التحول الإيديولوجي الذي يبرزه الصدام بين اليمينيين واليساريين، مما جعل الوسط (الذي يمثله ماكرون) يعيش حالة اضطراب تعكسه الانزلاقات السياسية الملحوظة ما سيؤثر على النظام الفرنسي ويزيده هشاشة .
فالسيادة أحد أهم ركائز الدولة المعاصرة، ورغم أنه كان من مبادئ مؤتمر ويستفاليا 1648م في القرن السابع عشر إلا أنه كان سباقا لذلك العصر وتواصلت محوريته إلى اليوم، ولذلك فإن الجزائر تعرف أهمية أن تكون للدولة سيادة وتفرض استقلالية في قراراتها وتوجهاتها وتمكنت من عدم الانزلاق والتحول الراديكالي عبر: عدم المساومة في المواقف، والالتزام الشديد بالقوانين، وفرض القرارات المصيرية، وانتهاج السلوك العقلاني في العلاقات الدولية
فيما يخص فرنسا أكد الدكتور نبيل كحلوش أن هذه الأخيرة تعيش اضطرابات سياسية واجتماعية داخلية وبالأخص على مستوى التحول الإيديولوجي الذي يبرزه الصدام بين اليمينيين واليساريين، مما جعل الوسط (الذي يمثله ماكرون) يعيش حالة اضطراب تعكسه الانزلاقات السياسية الملحوظة. فضلا عن أن القوى الداخلية لفرنسا تتصارع على الإرث الجيوبوليتيكي الكبير لهذه الدولة مما يجعلهم غالبا يصادمون الجزائر باعتبارها من أهم دول ذلك الإرث.. ومنه يمكن فهم أن ما يحدث حاليا لا يعكس إلا مدى هشاشة النظام الفرنسي داخليا.
بالمقابل و على مستوى العلاقات الخارجية فإن إلتزام الجزائر بالقانون الدولي يساعد الأطراف الأخرى على فهم وتفسير السلوك الخارجي للدولة وهذا يجعلها أكثر وضوحا وأقل غموضا وضبابية، مما يزيد من مصداقيتها ومتانة وثبات سياستها الدبلوماسية .
وفي آفاق 2027 لن تتمكن فرنسا من الحفاظ على مكانتها في الجزائر اقتصاديا وثقافيا.. وهذا لأن هذه الفترة بالذات ستكون فترة ازدهار الشراكة الجزائرية مع الصين وروسيا وتركيا وإيطاليا، بينما ستكون فترة للاضطراب السياسي بين اليمين واليسار الفرنسي أين لن تكون الرئاسة الفرنسية مستقرة على إيديولوجيا واحدة مما يعكس أزمتهم الثقافية والتي بدورها لن تستطيع الحفاظ على نفوذها في الجزائر.
وفي شأن (بهيمة طروادة) التي استخدمتها فرنسا مؤخرا يضيف الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية ، أن الجزائر وعبر وكالة الأنباء قد ردت وشبّهت العملية بأنها بداية فاشلة لمحاكاة عملية (خليج الخنازير) بكوبا في القرن الماضي، بمعنى أن الدبلوماسية الجزائرية تدرك بأن العمل الذي قام به جهاز الأمن الخارجي الفرنسي ليس سوى انتهاكا لقانون الحماية الديبلوماسية وبالأخص في مادته 14 التي تنص على أنه لا يمكن تطبيقها إلا بعد استنفاذ ما يسمى (سبل الانتصاف المحلي) مثلما تضبطه المادة 16 من القانون نفسه، أي بعد استكمال حامل الجنسية للإجراءات القانونية لإنصافه ثم يتم النظر في حالة ما إذا بقي هناك ضرر يلحق به أم لا، ثم على ذلك الأساس يتم البدء في تنفيذ الحماية الدبلوماسية عليه من طرف الدولة الأخرى التي يحمل جنسيتها عكس ما حدث مؤخرا مع هذه المدعوة أميرة بوراوي.