تناول مختصون من باحثين و أساتذة و أكاديميين من مختلف ولايات الوطن موضوع الإدارة المحلية في الجزائر بين محدودية الموارد و جودة الخدمة العمومية من خلال ملتقى وطني احتضنته أمس كلية الحقوق و العلوم السياسية 19 مارس 1962 بسيدي بلعباس ،حيث أجمعوا على ضرورة تغير مفهوم الخدمة العمومية و بنائها على أسس علمية و المرتبطة ارتباطا وثيقا بتحقيق التنمية ،فركز المتدخلون الذين قدموا من ولايات سعيدة، غليزان، مستغانم،عين تموشنت ،معسكر و سيدي بلعباس على تحقيق هذا الهدف و تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها الإدارة المحلية و ذلك من خلال العمل على توفير الموارد المالية الضرورية باللجوء الى خلق ٱليات و بدائل لتحقيق ٱهدافها و عدم الاكتفاء بالتمويل المركزي المباشر ،الى جانب التسيير العقلاني لأموال الإدارة المحلية و نفقاتها بناء على مفاهيم أساسية كالحكم الراشد المحلي و عصرنة و رقمنة الإدارة المحلية تسهيلا لعملها و الجوانب الحياتية للمواطن و هذا هو توجه الجزائر الجديدة التي تسعى الى تطوير الادارة المحلية و تشكيلها وفق ما تتطلبه المصالح العامة للمواطنين .
و في هذا الشأن اعتبر الدكتور "محمد رحالي" أستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة سيدي بلعباس الذي ترأس الجلسة الاولى الملتقى أن الإدارة المحلية في ظل الجزائر الجديدة تتطلب أداء متميزا و عصريا و مجهود كبير لتحيين مفهومها،مشيرا الى أنه تم خلال الجلسة الاولى التي نشطها الاساتذة "يوبي عبد القادر"،"شاربي محمد","بن احمد نادية"و "بحيري قادة" استعراض ثلاث قراءات لاشكالية الملتقى و الحلول المقترحة لها ،و من ذلك قراءة ابستيمولوجية للإدارة العمومية و الجماعات المحلية التي أكد من خلالها المتدخل أن الدولة بوجودها كهيئة سياسية تعتمد على الجماعات المحلية و التي تشكل حلقة وسط بين المجتمع و السلطة السياسية القائمة و تحاول الربط بين متطلبات التوجهات السياسية للسلطة و متطلبات المجتمع حسب الخصوصيات الاقليمية لكل جهة ،و قراءة اقتصادية حول المعطيات الجديدة و الافصاح المحاسبي أو طريقة المحاسبة المالية التي من المفروض أن الجماعات المحلية ستعتمدها في السنوات القادمة من أجل الرفع بمستوى أداء الخدمة العمومية و تحقيق التنمية المحلية،فضلا عن ضرورة التعامل مع رأس المال البشري و تنمية الانسان و المهارات حتى ترفع الإدارة من نسبة الأداء و الخدمات و تحقق الأهداف و الغايات المرسومة من طرف السلطة و التي تشكل تحدي كبير للخروج من المشاكل و النقائص التي كانت تعيشها الجزائر في السنوات الماضية و الانتقال الى نموذج الدولة الجديدة، و يتأتى ذلك من خلال فهم المشاكل الموجودة و محاولة التعامل معها بشكل موضوعي،هذا فضلا عن التطرق الى قراءة قانونية تم خلالها جرد مختلف النقائص الموجودة في القوانين الماضية المتعلقة بالبلدية و الولاية و السلطات الممنوحة للمنتخبين و المعينين و مدى التعارض و التجاوب و التوافق من أجل الخروج بصيغة جديدة تحاول أن تجد تكييف او توفيق بين الجانبين من أجل الوصول الى رفع مستوى أداء الخدمة العمومية ،و حسب المتدخل فإنه لايمكن التغاضي عن هذه النقائص و يجب بالأخص اعادة النظر في الرأس المال البشري من خلال التكوين للمعين و المنتخب على حد سواء لأن التكوين الجيد للاطارات يسمح بالاستغلال الجيد للموارد و التقليل من النفقات.