في الأسبوع الثاني من شهر رمضان الكريم لموسم 2023 تتحدث الجدّة عن ما افتقدته في القعدة الرمضانية وما همّلته الأسرة الصغيرة وهي تحاول أن تتحرر من قبضة الحماة و تبني عشا متينا مقاوما صامدا في وجه الغرباء بين قوسين ، وكل دخيل يتجرأ وبفرض نظامه السلطوي عليها حتى وان كان من داخل هرم العائلة .
بكل حسرة وحرقة تحكي الجّدة وهي تجلس مع أحفادها الذين رضخوا استثناء لمطلبها اللحوح بمقاسمتها سهرتها وتعليق خرجة الأصدقاء عن البنّة التي غادرت وعن حرارة العائلة التي نزلت إلى أدنى مستوياتها إلى درجة الاصطدام بمشاعر مجمدة مجردة من الضحكات المجتمعة ودفء العائلة ، وعن "البريق والبراد بسينية النحاس" القديمة المنقوشة باليد التي غيرت عنوانها وحولت محل إقامتها نحو قاعات الشاي وفضاءات التسلية والترفيه لقضاء سهرة مقيدة بالعدد والمكان.
كل شيء تغير تروي الجدّة حتى صلة الرحم التي كانت ترتوي من روح الترابط والتواصل في المناسبات الدينية والمواسم ، فاختفى الحوار العائلي وحلّ محله التواصل مع الغرباء و سرق الفضاء الافتراضي فرحة الحماة بكنتها وجيرانها في جلسة حميمية على سنيوة الشاي بالنعناع والقهوة بالقرفة والعود وشامية سيدي بلال بعد عودتها من صلاة التروايح إلى غاية السحور.
هذه الأجواء الروحانية فقدت بريقها بين الأمس واليوم وخرجت من قبضة الجدّة بحجة المسؤوليات الثقيلة بين عمل الزوجة وواجباتها فصدت كل الأبواب في وجه هذه الطقوس وأقحمتها في دائرة محكمة الغلق تحت لباس التخلص من الإقامة الجبرية والعيش بكل استقلالية بعيدا عن قرارات السلطة العليا من باب أن الواقع لم يعد يتسع لمثل هذه المعتقدات ولا يقبل بأي تنازلات.
----------