من أجمل مظاهر التعبد والتقرب إلى الله في شهر رمضان الكريم إقبال الأطفال على المدارس القرأنية وتأثرهم بالتعليم الروحاني ومن أسمى المراتب التي تفتكها البراعم الصغار حرصها على حفظ كتاب الله و التفرغ لختم الستين لعلها تكون من المحظوظين المكرمين و المتوجين بجوائز رمضان .
تنقضي العشر الأوائل من الشهر الفضيل وتحل أيام المغفرة التي حددها الله عز وجل في العشر الاواسط و تتسارع خطوات الصائم نحو كسب رضا الله والعتق من النيران ويتسابق الأطفال هم كذلك للظفر و تقلد أولى مراتب الطلب رغم صغر سنهم.
طغى على سلوكات الأطفال الأقل من 6 سنوات حافز قراءة القران الكريم في المواسم العادية إلى درجة التنافس بين الطلبة على الحفظ والختم في شهر رمضان الفضيل حتى لا يفوتوا الفرصة اعتلاء مرتبة الملائكة الكرام .
هم ملائكة فوق الأرض اختاروا التضحية بعطلة الربيع والتفرغ للعبادة وشقوا طريقهم نحو وجهة المدارس القرآنية وسخروا كل طاقاتهم الفكرية والجسدية من اجل بلوغ الهدف وتحقيق حلم الاباء ، هم أطفال ذكور وإناث لا يتجاوز سنهم ال 10 سنوات طلقوا الراحة واللعب في سبيل صقل شخصية سليمة تنور ظلام الحياة وتصحح الأخطاء وتجنبهم الانحراف وتحميهم من خطر الشارع الذي لا يرحم .
أطفال بثوب البراءة وبروح العزم والعزيمة و بوجه لا مع يسطع نوره في سماء المجتمع الجزائري وبابتسامة لا تفارق ملامحهم تصادفهم يوميا وهم متوجهون إلى مسجد الحي كلهم نشاط وحيوية لا يعرفون الخمول والكسل ولا يبصرون إلا طريق النور وصلاح الحال الذي يحده لهم شيخهم المفضل مثال القدوة الحسنة عندهم .
يضربون موعدا واحد كل صباح ويحددون وقتا لا يقل عن ساعتين لاستدراك ما فاتهم من الحفظ وقراءة كتاب الله العزيز خاصة وان موسم 2023 تزامنا هذه المرة مع عطلة الفصل الثاني للسنة الدراسية 2022-2023 فتجدهم أمام مدخل المدرسة القرأنية يوميا على الساعة العاشرة صباحا في وقت لا يزال عدد كبير من الصائمين في سبات عميق.
تسمع قرع أقدامهم من أول الشارع و يكسر حماسهم وحديثهم عن دروس معلم القرآن هدوء وصمت الحي وتدب الحركة في المكان ، رغم الشلل والأبواب الموصدة ويبدأ هؤلاء البراعم في ترتيل القران والتمتمة بما حفظوه من آيات من أجل المذاكرة وإنعاش عقولهم أثناء فترة الانتظار عند مدخل المسجد و قبل انطلاق الحصة ، فيشع نور أعلام المستقبل وتزول الرؤية الضبابية وينتصر التحرر الديني والفكري لبراعم لهم الحصانة المثلى من أي تأثير خارجي