استقبال شهر رمضان الكريم والسير على خطى الأسلاف من الالتزامات التي كانت تعكف الجدات على تطبيقها حرفيا دون تغيير أو تعديل ، وتعمل على إحياء الشعائر الدينية وفق الخطوات التي انحلت أغلبها وضاعت في نصف الطريق ولم يبق منها سوى الاسم تردده من عايشت تلك المراحل المتسلسلة .
سمحت لنا الفرصة اليوم ونحن ننقب في يوميات رمضان لفترة ما بعد الاستقلال وإلى غاية الثمانينات أن نعود إلى العادات التي كانت تستحضرها الجدات في نصف رمضان وبالأخص رحلة الحمام التي كانت تبرمجها "كبيرة" العائلة مع انطلاق العد التنازلي للضيف الكريم وفي مناسبة العشر الأواسط و بالتحديد بتحضير العدة من "رزمة "الحمام والدلو النحاسي الأصيل مع الحرص أن لا تنسى كنتها مستلزماتها وأغراضها وكل ماتحتاجه في زينتها الطبيعية البسيطة من الحناء والغاسول والمسواك .
وتعود الجدة إلى حدود الماضي ويرتعش جسدها وينبض قلبها باسترجاع فرحة مكبوثة بفعل عامل الزمن ، وتبدأ في سرد واقعة رحلة الحمام من لحظة خروجها من البيت رفقة زوجة ابنها وجاراتها إلى غاية الوصول إلى المكان ، دون أن تنسى فضاء الراحة التي كانت تجلس فيه وقتا طويلا وهي تستمتع بشرب "القازوز" قبل مغادرة الحمام والعودة إلى المنزل ولم تكن ترضى كبيرة العائلة بختم خرجتها خرجتها ، إلا بعد دعوة جاراتها على تناول الكسكسي "السفة" معهن وتضييفهن بالطريقة المعمول بها و كانت تشترط على أصحاب البيت حسن الضيافة وإكرامهن قبل إسدال الستار على هذه المحطة .