في رحلة الإبحار في عمق التاريخ وطقوس العائلات الوهرانية تواصل الجدة سرد ذكريات الزمن الجميل ، وتفتح صفحة العشر الأواخر من رمضان وترسم لوحتها بملامح تجمع قصص لأكثر من نصف قرن من الزمن وتتغنى بمرسم وهران الذي تداوله فنانو المنطقة على مر السنين .
وتحاول الجدة أن لا تضيع أي تفاصيل عن هذا الزمن وهي تتحدث بشوق عن يومياتها وكيف كانت تقضي رمضان وسط العائلة والجيران والأقارب في سلسلة متواصلة ومتسلسلة حسب عدد ايام الشهر الفضيل وحسب أهمية الإحداث الماضية التي تركت اثارا كبيرة لا تمحوها السنون ولا المستجدات الراهنة .
لم تنس الجدة البلوزة الوهرانية وقماش جوهرة وموسلين والقطيفة والمنسوج التي كانت حاضرة بقوة في لّمة عيد الفطر المبارك و"خياطة" الحي التي كانت تعكف على تفصيل البلوزة ، وتسهر على تطريز صدر الفستان حسب الموضة إلى ساعات متأخرة من الليل لتكون جاهزة عشية العيد .
ولا ترتاح ربة البيت ولا يهدأ لها بال تقول الجدة ، حتى تستلم "بلوزتها" وتسعد للعيد بتحفتها البسيطة بألوان وبأشكال مستوحاة من الموروث الثقافي الخاص بالمنطقة ، فكانت لا ترضى بفستان أخر ترديه في هذه المناسبة ولا تقتنع بأي بديل لا يبرز مكانة وهيبة كبيرة العائلة في عالمها الخاص بها حتى وان كان المقابل أغلى وأجمل من ذلك الفستان .
واليوم وبعد سنوات أصبحت البلوزة محصورة في دائرة حفلات الأعراس فقط ، أما في الأعياد الدينية فقد تجردت الزوجة من تلك الأعراف وأصبحت تميل أكثر للقفطان والبدعية وتسعى أن تكون في اجمل صورة لاستقبال المناسبة وتبادل تهاني العيد بالطريقة التي اختارتها لنفسها .
ع سليمة
في رحلة ا