كل موسم يمضي يترك وراءه ممارسات لا تمحى ولا تنسى تدون في سجل الموروث الثقافي والاجتماعي ، وكل مناسبة تحمل في طياتها صورا ومشاهدا ليوميات رمضان قد لا تتكرر لكنها لا تختزل من ذاكرة العائلات الجزائرية لرائحتها الطيبة التي يفوح منه عطر لا مثيل له يحمل علامة محلية بطقوس ومعتقدات شعبية محضة .
فمن الأسواق اليومية التي تحاول كل واحدة أن تقص روايتها وتنفرد بتفاصيل خاصة بها تجعلها مميزة عن باقي النقاط ، إلى قعدات الشامية والشاربات و الخبز التقليدي الذي اكتسح مساحات كبيرة من الأسواق اليومية والأحياء والأرصفة وراح يزاحم المخابز المنتشرة بالولاية ويتقاسم معها ربحها وشهرتها .
من يزور هذه الأماكن يلمس الفارق الكبير بين الأيام العادية والمواسم السابقة ورمضان 2023 الذي تميز بالنزوح الكبير لطاولات بيع مختلف أنواع الخبز التقليدي بأشكال وأحجام متنوعة تشتهيها العين قبل الفم ويجري لها الريق والوصفات الرمضانية التي تنافس أشهر المطاعم .
عادات جديدة وممارسات مغايرة دخلت السوق وصنعت لنفسها اسما وعنوانا في سجل وتاريخ هذه الفضاءات التجارية لتفتح المجال لكل متذوق الولوج إليها دون قطع تذكرة السفر ، أو حتى حجز مكانا لها مادام الفضاء مفتوح لمن يرغب في تنويع مائدته ويستطعم الأطباق التقليدية الاصيلة والعصرية تفنن في صنعها حرفيون بمرتبة شاف .
هم شباب في العقد الثاني بسطوا نشاطهم في شهر رمضان الكريم واقتحوا بكل ثقة واعتزاز عالم الطبخ التقليدي والحديث و قدموا بصمتهم الخاصة بهم وأضفوا لمسة سحرية لشيف لا يهوى سوى فن الطهي وعالم الإبداع المتباين بين العصري والتقليدي.
هم حرفيون سمحت لهم فرصة حلول الضيف الكريم لتروج تجارتهم ومنافسة أهل الاختصاص وعرض كل أنواع المملحات والعجائن بألوان تستهوي كل متسوق .
رائحة الخبز تعطر كل يوم السوق والأحياء المجاورة لها قبل موعد الإفطار بساعات ، فيعكف هؤلاء الشباب عن عجن وطهي المطلوع والخبز السوري والممتاز باستعمال طاجين الطين الجزائري وللمتسوق هنا حرية الاختيار بين الخبز العادي والممتاز المزين بالسانوج أو الزيتون أو صفار البيض أوحتى الهريسة لمن يفضل المذاق الحار بأسعار متفاوتة بين 30 و60 دينار للرغيف .
وبالمقابل وغير بعيد عن طاولات الخبز تزينت واجهات المحلات بكل ما يرغب فيه الصائم من أنواع المملحات المحشوة باللحم المرحي أو التونة أو الخضر حسب الطلب كالبوراك وشوصون والبسطيلة والبراج وغيرها من الأطباق التي يكثر عليها الطلب في رمضان ، ولقي هذا النوع من النشاط إقبالا كبيرا للصائمين وفئات خاصة ، أمثال الشباب الذين بعيشون بمفردهم كالموظفين والعمال ويحتاجون للأكل والطبخ التقليدي والعصري لتزيين "المايدة الوهرانية "