يعد المسجد المريني العتيق، أحد أقدم المنارات الدينية على مستوى ولاية مستغانم من حيث التأسيس، خاصة وأنه شاهد على فترة تاريخية مرت بها المنطقة في القرون السابقة ، فهذا المرفق الديني الأثري أنشئ حسب الروايات بتاريخ 740 هجري الموافق لعام 1340 ميلادي من قبل السلطان الحسن بن سعد المريني الملقب بأبي العنان على مستوى حي طبانة ليكون نقطة انطلاق في بناء مدينة مستغانم القديمة ، بعدما كان مركزا للقضاء أو ما يعرف بدار القاضي آنذاك .
وحسب العارفين بهذا الجامع فإنه كان يعد منارة أهل مستغانم الذين تعلقوا به، وكان بالنسبة لهم مكانا لأداء الشعائر والتزود بأمور الدين و الدنيا، إلى جانب دوره الريادي في الدعوة للجهاد وشحن المجاهدين في ذلك الوقت للدفاع عن الوطن خاصة أثناء الغزو الإسباني لسواحل المدينة، حيث تم الإعداد لمواجهة العدو انطلاقا من المسجد المريني الذي تعلوه صومعة شامخة لا تزال موجودة ليومنا هذا، تقارع الزمن رغم مرور قرون على تشييده. و نظرا لأهميته ومكانته استولى عليه الغزاة الفرنسيون عام 28 جويلية 1833، عندما سقطت مستغانم في أيديهم، حيث قاموا بتحويله إلى إسطبل للخيول، وقاعات أخرى خصصت كمراقد للحراس والصومعة أضحت برجا للمراقبة، في محاولة منهم لطمس مقومات الشعب الجزائري . غير أنه وبعد اشتداد مقاومة المحتل، تم تحويله بدهاء إلى مخزن للأسلحة والذخيرة نظرا لموقعه الاستراتيجي وقربه من أهم إدارات المستدمر، هذا الوضع لم يحد من تعلق سكان مستغانم به، بدليل أن المجاهدين رفضوا مهاجمة المخزن وتفجيره على اعتبار أنه مسجدهم المفضل. وظل على هذا الحال إلى غاية الاستقلال حيث تم إعادة المسجد لوظيفته وطبيعته الأولى رغم تدهور هياكل المبنى ،حيث ظهرت به تشققات ، فاضطرت السلطات المحلية، آنذاك إلى غلقه أمام المصلين الذين ثاروا غضبا وطالبوا بفتحه مرة أخرى ، وقد أعيد ترميمه سنة 2004 ، وهو الآن لا يزال قائما كصرح ديني شامخ وتراث وطني يزين مستغانم القديمة .وقال صلاح الدين رقيق مفتش في مديرية الشؤون الدينية أنه أثناء الوجود المريني بمنطقة المغرب الأوسط ازدهرت الحركة العلمية فبنيت المدارس والأوقاف والمساجد وأن هذا الجامع العتيق لأحد الشواهد على اهتمام المرينيين بالحركة الدينية والعلم وأشار بأن المسجد العتيق تم تشييده في 1341 ميلادي واستغرق عاما كاملا ليكون مركزا إشعاعيا دينيا وعلميا.في حين كشف الإمام عبد الله مجددا، أنه رغم أن هذا المسجد بني فوق مرتفع أشبه بجبل إلا أن الزائر إليه يخيل له بأنه نازل في دهاليز داخله وذكر بأن نوافذه تطل على وادي عين الصفراء وعلى الحي العتيق تيجديت.و سبق لهذا المعلم التاريخي وأن حظي بزيارة كبار رجال الدين والفقهاء في الجزائر وخارجها منهم من صلى به في صورة سيدي لخضر بن خلوف والشيخ مصطفى العلوي صاحب الطريقة العلوية العالمية .