تبقى فرحة النجاح والتفوق في امتحانات شهادة البكالوريا تدغدغ القلوب وترسم الابتسامة على الوجوه ، وتبقى أهازيج الاحتفالات تفسح الطريق أمام كل من ظل ينتظر النتائج بأحر من الجمر قرابة الشهر ليستمتع بعطر السعادة بتركيبته السحرية التي لا تحتمل التفاوض ولا التتعامل إلا مع أسماء لامعة في سماء الكد والجد لبلوغ مرتبة العلى .
"الباك علي والهدية عليكم" هو ذلك الاتفاق المبرم بين الابن وعائلته وفق بنود وضوابط محددة مسبقا كشرط تحفيزي يعلن عنه الطرف الثاني في العقد ويلتزم به ، حتى يدفع شريكه على بدل المزيد من المجهودات لتجاوز أصعب عقبة في مشواره الدراسي ونيل شهادة العمر ،وان كان في أول الطريق ومساره التعليمي لا يزال طويلا .
صحيح أن فرحة النجاح لا توصف ولا تقدر بثمن ، وصحيح أن الجزاء في مثل هذه الأحوال عطاء غير محدود وشهادة تقدير من طرف الأسرة التي أحسنت الاستثمار وكونت نشئا بنيته صلبة لا تهزها رياح الشارع والمحيط المختل في أول امتحان لها ، وصحيح أن مهما قدمنا لأبنائنا في هذه المناسبة السعيدة فإنها لا تساوي الفرحة التي أرقصت قلوبنا القلقة وجعلتها تسبح في بحر السعادة .
وصحيح أن تعب سنوات من السهر والترقب لإعداد أسرة قوية يمحوها في رمشة عين خبر النجاح الذي يزف إليها من بابه الواسع ، لكن كل هذه المعطيات والنتيجة الايجابية التي تتحكم فيها المشاعر والأحاسيس الجياشة تحتاج هي الأخرى وفي مثل هذه المواقف إلى فرض سيطرة العقل والحكمة في تدبر الأمور ، حتى لا نفسد كل ما بنيناه في لحظة وهو ما نسجله للأسف في مجتمعنا اليوم الذي ينحرف في مرات عديدة عن مساره ويكسر حواجز الأمن والسلامة بهدايا فاخرة وأجواء احتفالية صاخبة ومصاريف ثقيلة في يوم استثنائي .
