هي قرية سياحية بامتياز، تقع بين جبل الأسود و جبل قليعة وسلسلة جبال الأطلس التي تقف شامخة تقابل مياه البحر الأبيض المتوسط بالباهية وهران، وهي مغطاة بآلاف الأشجار الخضراء والنباتات النادرة التي رسم إخضرارها المحاذي لزرقة مياه البحر، وهو ما يخلق تزاوجا استثنائيا في غاية الروعة والجمال.
وبين هذا وذاك تنتشر مجموعة من البيوت الصغيرة بطريقة هندسية جميلة تزيد من بساطة المكان وجماله ،كما تسمح للجميع بالتمتع بنسائم الأرض والبحر معا، إنها " كريشتل" أو كما كانت تسمى من قبل مدينة كريستال نسبة لسمكة الكريستال شديدة البريق والتي كانت موجودة بكثرة بالمنطقة التي لا تزال عذراء لم يلمسها التجديد، فدروبها الضيقة وحاراتها العتيقة ومنازلها القديمة دليل على تاريخ المنطقة التي فضلت الإحتفاظ بعبقها الذي يحاكي الزمن..
لا يمكن لمن يزور "كريشتل" لأول مرة أن يتجاهل منبعها المائي القديم أو كما يسميه ساكنة المدينة «العنصر»، و الذي اعتادوا على التزاحم أمامه لملء دلائهم بمياهه العذبة التي أكد سكان المنطقة أنها تنبع من أعالي الجبال التي تحيط بكريشتل، وتجري عبر مسار يؤدي إلى الأراضي الفلاحية، ولم يتمكن بعد أي أحد من الساكنة الحالين من الصعود إلى أعالي الجبل كما كان يفعل الأجداد سابقا . هذا وقد أضاف السكان أن المنبع يتفرع إلى 11 ساقية فرعية تسقي أراضي 11 عائلة كرشتلية من السكان الأصليين للمنطقة، أين كان الفلاحون يتقاسمون مياه النبع بالتساوي و دون أي مشاكل و لا يزال الحال على ما كان عليه إلى يومنا هذا .
هذا وقد أضاف السكان أن مياه النبع صالحة للشرب ولا تتعكر و يكمن سر ذلك في وجود 11 سمكة من سمكة الأفعى أو كما يطلق عليها السكان اسم السمكة "السرباحة" التي تتكفل بأكل العلق و الديدان المجهرية التي قد تتواجد بالماء، ما يجعلها نظيفة وصالحة للشرب . هذا وتتوفر مدينة كريشتل على سوق يقع بضفة النبع يبيع فيه شباب المنطقة منتجاتهم الفلاحية التي يقطفونها من أراضيهم مباشرة كالخضر بأنواعها والفواكه على اختلاف أشكالها وحتى السمك، وهو ما يزيد من جمال المنطقة و زوارها الراغبين في اقتناء خضر و فواكه طازجة وطبيعية دون مواد كيميائية حافظة، خاصة وأن المنطقة نائية بعض الشيء و بعيدة عن دائرة قديل ،ويقتصر النشاط فيها على خدمة الأراضي صيد الأسماك و إدارة المقاهي التي لا تزال تحافظ على شكلها وخدمتها القديمة، و بعض المحلات الخاصة ببيع المواد الغذائية، عدا ذلك فإن شباب المنطقة يعانون من التهميش و يعيشون العزلة إلى جانب البطالة بسبب افتقار المنطقة لمشاريع تنموية قد توفر مناصب عمل ، كما تزودت كريشتل خلال السنوات الأخيرة بالقرية السياحية " أكوابارك" كريشتل، وهي المشروع الوحيد الذي بإمكانه فك العزلة عن المنطقة، بالإضافة إلى أزيد من 10 شواطى يقصدها سكان المنطقة والمناطق المجاورة وحتى السياح الراغبين في اكتشاف أصالة كريشتل العتيقة التي لم تتغير بالرغم من مرور الزمن .
كما يبقى ميناء كريشتل الصغير هو معلمها والمكان المفضل لدى الصيادين الذين يلتقون به لخياطة الشبك . ،وبالرغم من جمالها وعراقتها واحتفاظها بعبقها القديم الجميل تبقى كريشتل بحاجة لالتفات السلطات المحلية لها والإنصات لمشاغل أبنائها، هكذا صرح سكان المنطقة الذين أكدوا أنهم يعانون من جملة نقائص التي لا يراها غيرهم.