يعد المردود أو (البركوكس) من الأكلات الشعبية التي عرف بها سكان الأغواط، وارتبط المردود بها لحد أنه أصبح الناس يقولون مردود الأغواط، وترتبط هذه الأكلة بقصة واقعية تاريخية، عندما أرادت السلطات الاستعمارية الفرنسية عزل أحد القادة، ولما قدمت إليه لجنة تفتيش رفيعة المستوى أعدّ للعسكريين وجبة فاخرة تنوعت فيها اللحوم والأطباق في قاعة فسيحة، وأعد لرئيس اللجنة جفنة من "المردود "، توسطت غرفة صغيرة، فسأل القائد ما هذه؟، قال إنه المردود نقدمه للأشخاص المقربين الذين نعدّهم من الأسرة، ويكون لزاما علينا أن نفي لهم ولا نخدعهم ولا نحتال عليهم، وكان حول "الجفنة" التي وُضعت على البساط رئيس اللجنة والقائد (صاحب الدار) وأولاده، وهنا قال :" الدليل أن القصعة يأكل منها سوى أهل الدار أنا وأولادي وأنت لأنك صرت من أهل الدار".
وقد أضيف لهذه الأكلة السمن البلدي المعروف بـ"العكة"، وهو السمن الذي مضى عن تخزينه أكثر من سنة، كان قد تغير لونه من الأبيض المصفر قليلا إلى اللون البني الباهت، وكان عبارة عن كرات لم يكن يعرف رئيس اللجنة ما هي فأخبروه أنها "العكة"، ولما تناول وجبة الغداء وارتاح، أصدر قرارا بترقية القائد من قائد محلي إلى قائد جهوي، ولما عاد رئيس اللجنة إلى مركز القيادة أخبرهم بوجبة غداء تناولها عند قائد الأغواط، وراح يصفها لهم ،لكنه نسي كلمة "العكه"، فقال أنها وجبة معتبرة كاملة فيها كثير من المواد، منها الفول والفلفل و"الكليلة" والكثير من الأعشاب ،وشيء لذيذ يشبه "رأس القط".
تختلف أكلة "المردود" عن الكسكسي، من حيث حجم الحبات، فهي تخلط بأنواع من الأعشاب الطبية البرية المعروفة "بدواء المرور" ومختلف أنواع البهارات والتوابل، إضافة إلى " الهرماس" والكليلة والفول والفلفل الحار، إضافة إلى شرائح اللحم والكثير من المواد المجففة الأخرى التي تدخل في تحضير هذه الأكلة..
سكان الأغواط الأصليين يعرفون المعنى الحقيقي لهذه الأكلة الشعبية التي ارتبطت عند العائلات في الأغواط بـ "المعروف"، تصنعها العائلات في الأحياء الشعبية وتوضع الجفان أمام باب الدار ، ويلتف حولها كل عابر وكل قريب والجيران، لكن هذه العادة الحميدة في طريقها للزوال بسبب انتقال العائلات الأغواطية إلى العمارات والأحياء الراقية وسكان العمارات المختلطة .
