يعدّ الشهيد جاهد ميلود من بين الفدائيين الأوائل الذين استشهدوا في سبيل الوطن أثناء تنفيذه لعملية جريئة بمترو باريس هزت فرنسا كلها وبعثت الرعب في نفوس سكان العاصمة لكونها أول عملية تقع بعقر دارها من طرف فدائيين جزائريين شجعان لا يهابون الموت رغم صغر سنهم، كان ذلك في أواخر شهر أوت 1958 .ولد ميلود في 6 جوان 1938 بمسيردة الفواقة من عائلة ثورية أبوه مناضل في جبهة التحرير يدعى عبد العزيز وأمه تسمى علوي فاطمة وابن عمه جاهد ميلود بن عمرو شهيد استشهد بالولاية الرابعة وجاهد محمد ابن عمه أيضا شهيد بالمنطقة الثامنة الولاية الخامسة. نشأ وترعرع بقرية أولاد بن يحي في منطقة أربوز دائرة مرسى بن مهيدي، حفظ القران الكريم واضطرته الظروف والحاجة إلى الاشتغال مع والده في الزراعة التي كانت توفّر للأهالي دخلا زهيدا نظرا لأن المنطقة جبلية ذات مسالك وعرة زد على ذلك أن المحتل الغاشم كان يمنع السكان من الرعي ودخول الغابات ويفرض عليهم ضرائب وهي عوامل كلها جعلت الحالة المعيشية للعائلات تسوء كثيرا، فاضطر رجال المنطقة لأن يهاجروا إلى ديار الغربة للعمل هناك وإعالة أسرهم ومعهم ميلود الذي لم يتردد في الهجرة رغم صغر سنه حيث لم يكن يتعد الـ 17 ، كان ذلك في شهر جويلية 1954-علما أن جيش الاحتلال قام فيما بعد بتدمير مداشر وقرى أربوز وتهجير سكانها - ولمّا وصل الىباريس انضم إلى صفوف المناضلين من العمال المهاجرين الذين كانوا مهيئين سياسيا ليتأثّر تأثرا شديدا بهم من خلال الإنصات إليهم بتمعن ومتابعة حديثهم في المقاهي والفنادق وأماكن العمل الذي غالبا ما كان يدور حول استيلاء المستدمر الفرنسي على الأراضي الجزائرية ونهبه لخيراتها وثرواتها وتشريد سكانها وتجهيلهم وإفقارهم ووجوب التصدي لها. ما رسّخ لديه الوعي السياسي والوطني حيث نشأت في نفسه مع مرور الوقت قناعة راسخة وحماس فياض بوجوب الانخراط في محاربة المحتل بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة مهما كلّفه ذلك من ثمن لأجل افتكاك الحرية واسترجاع السيادة الوطنية .
وفور تأسيس فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا في1957 من طر فجبهة التحرير الوطني سارع إلى الانضمام إليها وصار مناضلا متشبعا بالروح الوطنية، وعندما قررت جبهة التحرير الوطني نقل المعركة المسلحة على أرض المستعمر ( فرنسا) في أوت 1958 باستهداف المنشات العسكرية والاقتصادية والبترولية ومهاجمة الثكنات ورجل الشرطة والدرك وتدمير مخازن الأسلحة ومحطات الكهرباء، أي بعد مرور4 سنوات على نضاله في فيدرالية جبهة التحرير الوطني تحت قيادة عمر بوداود أحد المسؤولين الأوائل لجبهة التحرير الوطني بفرنسا تم اختياره كفدائي في أول فوج للفدائيين تم تأسيسه بفرنسا ونظرا لبسالته ووسامته ودهائه واقتناعه بالقضية الجزائرية عهد إليه مهمة تنفيذ عملية فدائية جريئة بميترو باريس ضد أحد العملاء كلّلت بالنجاح وبثت الذعر والخوف بين الحاضرين ثم لاذ بالفرار غير أن أفراد الدرك الوطني الفرنسي لاحقوه وطاردوه بسرعة فائقة بعد أن دلّتهم عليه امرأة مسنّة وهي تشير إليه بأصبعها وتصيح بأعلى صوتها مرارا هاهو". ثم أمطروه بوابل من الرصاص ليسقط شهيدا في ساحة الشرف في أواخر شهر أوت 1958 وعمره آنذاك 20 سنة. وفي اليوم الموالي نشرت الصحف الفرنسية على صدر صفحاتها الأولى خبر هذه العملية التي كان بطلها فدائي جزائري يدعى جاهد ميلود ما أدى إلى انتشار مزيد من الرعب بين سكان باريس لاسيما مستعملو الميترو.الشهيد جاهد ميلود دفن بعد استشهاده بمقبرة المسلمين بباريس.