زراعة الأعضاء بالجزائر من الملفات الثقيلة التي أولتها الدولة عناية خاصة واهتماما كبيرا يمكنها من تجاوز العقبات والعوائق التي تعتبر حجر عثرة أمام علاج المرضى وتقديم خدمة صحية في مستوى الإمكانيات والموارد والتجهيزات المسخرة و كذا الإجراءات القانونية المقدمة لبلوغ المحطة الحاسمة في مسار البحث عن متبرع لإنقاذ حياة ومنح بسمة أمل لكل من ينتظر دوره للاستفادة من عضو سليم يضمن له ممارسة حياته بصفة عادية ويعوض الفشل الحاد الذي يلازم الجزء المعلول .
ومن دون أي شك أن الخطوات التي سلكها قطاع الصحة طيلة سنوات عديدة بين الصياغة القانونية الشاملة وفتوى دينية ترخص زراعة الأعضاء من الموتى عديدة لا تقتصر على طريق واحد أو اتجاه منفرد لا يحتمل أي استثناءات. فقد رسمت الدولة استراتيجية وطنية متشعبة تعالج كل نقاط الاستفهام من الناحية التشريعية والطبية والدينية بالتنسيق مع مختصين ولجان مؤهلة للفصل في مثل هذه القضايا كفيلة بإزالة كل الغموض والاعتراضات التي لازمت الملف مدة طويلة على رأسها الرفض أو عزوف عائلة الميت على التبرع بأحد أعضائه لمريض آخر لا تربطه أي صلة قرابة .
ورغم كل الجهود المبذولة والتنسيق المتبادل بين الجهات المختصة يبقى ملف التبرع من الموتى الملف المطروح بحدة والإشكالية العالقة التي تحتاج إلى دفع قوي من رجال الدين على أساس أنهم الطرف الفعال والحلقة المكملة لسلسلة المراحل المتبعة لتحقيق مشروع زراعة الأعضاء من الموتى .وإن كان الإعلام قد تطرق في مرات عديدة ومناسبات مختلفة إلى القضية ذاتها ، وإن كانت مراحل معالجتها قد حققت نتائج بنسب متفاوتة ، إلا أن الواقع والمجتمع على وجه العموم لم يهضم بعد ما بلغه الملف من تطورات ولم يتعد حدود دفن الميت دون تشويهه ، حتى وإن كان ما يرفضه حاليا عائلة الميت هو بمثابة طوق النجاة مستقبلا لمرضى هم في أمس الحاجة لعمليات الزرع ينفدون بها من آلة تصفية الدم و الآلام الحادة للعضو العاجز .هذه الإشكالية المعقدة دفعت اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء لبدل المزيد من الجهود وانتقاء خيار التحسيس لإقلاع المشروع والانتقال إلى المرحلة الموالية ، مرحلة الجراحة وفي هذا الصدد أكد البروفيسور شاوش المدير العام لذات الجهة على شرط التوعية الذي هو المفتاح الصحيح لمعادلة العزوف والزر المناسب لتجسيد البرنامج الوطني الذي لم يلق بعد الاستجابة .وفي حديثه عن شق التحسيس ، ركز البروفيسور على العلاقة التي تربط المصلي والإمام والتي تسمح بتقديم توضيحات وتطمينات أكثر للمواطن ، مستهدفا هذه الفئة التي هي بر الأمان يختاره في كل مرة يواجه فيها مشكلة تحتاج لفتوى فاصلة في ملف حساس ما عجل من سلسلة اللقاءات والمفاوضات بين الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء والمجلس الإسلامي الأعلى لتكثيف حملات التوعية بالمساجد وحث المصلين على التبرع من الموتى . بالمقابل وبالنسبة لجراحة زرع الكلى واستنادا لنفس المصدر تصدرت الجزائر القائمة مغاربيا خلال الجائحة من حيث العمليات الجراحية بـ 216 زراعة في 2022 مقابل 220 في 2021 ، رغم الاستثناءات الصحية التي عرفها العالم في تلك الفترة .
