هنا في الجزائر صور جميلة تناقلتها التلفزيونات الوطنية والدولية لفسيفساء بشرية زينت الساحات والشوارع، منددة بلافتات عليها شعارات شجب وتنديد، وحناجر تصدح بأهازيج الرغبة في الالتحاق بالمقاومة الفلسطينية نصرة لإخواننا في غزة العزة، والقضاء على كل ماهو صهيوني، بل اجتثاثه من أرض الطهارة... مهد الأنبياء والرسل..
خميس غضب عارم تفجر في كل ربوع الجزائر الثورية، تماهت فيه الرغبة السياسية بالشعبية، لينتقل صدى طوفان الأقصى بكل صوره المؤلمة إلى الجزائر، التي أمر رئيسها وقائدها الأعلى للقوات المسلحة السيد عبد المجيد تبون بإلغاء كل التحضيرات الخاصة بالاحتفالات بذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وأجلت وزارة الاتصال العيد الوطني للصحافة في تعبير صريح عن تضامن الجزائر المطلق شعبا وقيادة مع إخوانهم في فلسطين... ورد على تواطؤ الإعلام الغربي الذي يكيل بمكيالين، فيغض الطرف عن الضحية وينصر المفسد الطاغي، أمام صمت مطبق للمنظمات الدولية حامية القانون الدولي التي طالما "صرعتنا" بما يسمى الديمقراطية التي كانت ذريعة غزت بها القوى العظمى شعوبا آمنة بدعوى انتهاك حقوق الإنسان فدمرتها، لكنها تقف اليوم على مسافة واحدة مع الجاني ضد المجني عليه.
هناك في غزة الجريحة صور خزي وعار لجرائم شنيعة يقترفها الكيان الصهيوني في حق الإنسانية، في لقطة شبيهة ذكرتنا بما فعله أحفاد "الكوبوي" في 1991 بملجأ العامرية الذي انبعث منه بكاء أطفال رضع وشيوخ ونساء مكلومات صرخن "وامعتصماه"...وقضوا جميعا... بل أكثر من ذلك، مشردو التاريخ ضربوا بكل القيم الإنسانية عرض الحائط، وتجاوزوا بنود اتفاقية جنيف لحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب... ليبرهنوا مرة أخرى للمجتمع الدولي أن الماسونية لا دين ولا أخلاق لها... تعشق مص الدماء والتنكيل بالأبرياء...
فمن يضرب مستشفى يعالج الجرحى، ويلوث مصادر المياه ويقصف مناطق بها أطفال أبرياء ونساء وشيوخ، ويشرد عائلات بأكملها ليحملها على هجرة أراضيها بكل الوسائل القسرية، لا يستحق إلا حمية عربية ترد للمسلمين في فلسطين شرفهم المنتهك في غزة العزة والإباء... فهلم لنا بحطين جديدة... يستل فيها السيف من غمده... ويبطش أحفاد صلاح الدين بنسل القردة والخنازير...
في الزمن الماضي صورة للشيخ أحمد ياسين يُسِرُّ لنا قبيل اغتياله بعدد سنين قليلة ونيف، بنبوءة من القرآن الكريم، تؤكد أن إسرائيل دولة بلا مستقبل، وبأن هذا الكيان الغاصب يعيش آخر أيامه التي ستنتهي في 2027، مقدما الدليل والحجة من كتاب سماوي محفوظ منذ أكثر من 1400 سنة، ما جاء به بشر ولم يدنسه شيطان رجيم، جاء فيه أن الله قال في كتابه بأن الأجيال تتغير كل 40 سنة، وما حدث في فلسطين مر عبر 3 أجيال، الأول كانت فيه الهزيمة في 1948، والثاني هو جيل الاستعداد الذي ثار وانتفض وواجه العدو، والثالث هو جيل النصر واستعادة فلسطين.
وهو نفس ماجاء به الشيخ متولي شعراوي في تفسير الآية السابعة من سورة الإسراء" لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا"، أي أن لله تدبيرا في أن يأتي بالصهاينة لفيفا من كل بلدان العالم ويجعل لهم وطنا حتى يسهل على المسلمين مهمة القضاء عليهم بعد ذلك، مؤكدا في نفس الآية كما يشرحها الشيخ شعراوي رحمه الله أن المسلمين لا ينبغي لهم أن يغضبوا من بناء المستوطنات لأنها في النهاية ستعود لأهل الأرض، وسيخرج منها الصهاينة كما دخلوها أول مرة مذمومين مدحورين.
ولم تكن هذه نظرة استشرافية للعلماء المسلمين فقط، بل أكدها حتى التوراتيون اليهود كالحاخام "ديفيد وايس" الناطق باسم جماعة "ناطوري كارتا"، ومجلات أمريكية متخصصة، توقعت زوال المحتل الغاصب، والنصر لفلسطين والأمة المسلمة، وعودة أهل الأرض إلى ديارهم، والصهاينة إلى شتاتهم والتيه الذي كتب عليهم ووعد به الله بني إسرائيل ووعده حق...