مكتبة "بختي بن عودة" صرحٌ معماري شامخ منذ أكثر من قرن

مكتبة "بختي بن عودة" صرحٌ معماري شامخ  منذ أكثر من قرن
مجتمع
بشكلها المعماري المميز وهيبة بنيانها الشامخ الذي لم ينحن، رغم مرور 112سنة على تشييدها، تقف كاتدرائية وهران باعتزاز لتتوسط شارعي عبان رمضان وحمو بوتليليس بقلب المدينة، حيث يلفت انتباه زوار الباهية هذا الصرح المعماري الديني بتصميمه الذي جمع بين الهندستين البيزنطية والرومانية مع لمسة شرقية تمثلت في الزخرفة وفسيفساء الجدران التي تروي قصة معلم تاريخي شاهد على الزمن وعلى أحداث كثيرة مرت على الباهية وهران .تم تشييد مكتبة بختي بن عودة أو الكاتدرائية من قبل الإخوة " بيري" والمهندس "آلبرت بالو" خلال الفترة الممتدة بين سنة 1904 و 1913 بالإسمنت المسلح والصخور الكبيرة، ليتم افتتاحها رسميا سنة 1918 ، وقد شيدت الكنيسة بغرض توفير مكان تعبد قريب للمستوطنين ، لاسيما وأن أقرب كاتدرائية للسكان كانت تبعد مئات الكيلومترات لأنها تقع أعلى جبل مرجاجو، إذ لا يمكن للجميع الوصول إليها إلا بشق الأنفس، كما أن كاتدرائية وهران تبقى شاهدة على الاستعمار الفرنسي الذي فعل المستحيل من أجل طمس الهوية الإسلامية للجزائريين وتعاليم الدين بتكريس الطابع المسيحي للمدن إلى حد تحويل عدد من المساجد التاريخية إلى كنائس كما هو حال بمسجد كتشاوة في العاصمة والذي يعود إلى عصر الدولة العثمانية. و يتميز الشكل الخارجي لمبنى الكاتدرائية باتساع سلالمه في شكل مدرجات، مما يجعل من يمر بها يجلس لأخذ قسط من الراحة ويمتع نظره بجمالها الخارجي الخلاب، في حين أن مدخلها هو عبارة عن 3 بوابات كبيرة ذات ارتفاع شاهق وقوانين، واحدة على اليمين وأخرى على اليسار وتزينها الأقواس المطلية باللون الأصفر، أما هندستها الداخلية فتشعرك إنك داخل كنيسة، إذ يتوسط سقفها قبة شبيهة إلى حد ما بقباب المساجد و صومعتان شامختان مرصعتان بالقرميد، أما النوافذ الخشبية فهي مزخرفة، بالإضافة إلى طاولات خشبية وضعت داخل قاعة المطالعة، كما بقيت ممرات الكنيسة في قاعة الصلاة على حالها لم تتغير ورفوف جدارية تحتوي على مئات الكتب في مختلف التخصصات، وتتوسط السقف ثريات نحاسية ضخمة، وفي مقدمة القاعة يوجد المجلس، أو ما يسمى بالمذبح ، ويبعث مشهد الطلبة والأساتذة وهم يطالعون كتابا أو ينجزون فرضا دراسيا صورة أخرى لا تنحصر في كون المكان معلما دينيا أو تاريخيا فحسب، وإنما فضاء للقراءة والبحث والمطالعة بعد أن قررت السلطات الجزائرية سنوات التسعينيات تحويلها إلى مكتبة عامة تحمل اسم الكاتب الراحل بختي بن عودة وتستقبل زوارها القادمين من داخل وخارج الوطن والراغبين في اكتشاف هذا المعلم التاريخي.

يرجى كتابة : تعليقك