نحو تأسيس صناعة حقيقية للسيارات في الجزائر

نحو تأسيس صناعة حقيقية للسيارات في الجزائر
اقتصاد
شهدت سنة 2022 قرارات هامّة وحاسمة تتعلّق بسوق السيارات في الجزائر تجسّدت على أرض الواقع بعد صدور المراسيم التنفيذية في الجريدة الرسمية بأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والمتعلّقة باستيراد المركبات الجديدة وتصنيع المركبات محليا وكذا فتح استيراد السيارات المستعملة لأقل من ثلاث سنوات في إطار قانون المالية 2023، وهو ما اعتبره الكثير من الخبراء والعارفين في مجال الاقتصاد " متنفسا " جديدا للمواطنين ولوكلاء السيارات على حد سواء. شدّد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال ترؤسه في 23 أكتوبر من السنة الماضية اجتماعا لمجلس الوزراء، على وجوب "الفصل بين نشاط الوكلاء المستوردين والشركات المصنعة والتوجه نحو صناعة ميكانيكية بمعايير التكنولوجيا العصرية"، آمرا الحكومة بنشر دفتري الشروط المتعلقين باستيراد المركبات الجديدة وتصنيع المركبات، وإلى جانب هذين المرسومين التنفيذيين، تمت، في إطار قانون المالية لسنة 2023، إعادة إطلاق عملية استيراد المركبات السياحية التي يقل عمرها عن 3 سنوات، من طرف المواطنين للاستخدام الشخصي، استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية، والتي كانت بمثابة جرعة أكسجين لسوق السيارات في الجزائر إضافة إلى إجراءات أخرى متعلّقة بالقطاع. صفحة جديدة في ملف السيارات وهي الاجراءات التي ستسمح لا محالة بطي ملف السيارات في الجزائر، بعد تجربة فاشلة كلفت الخزينة العمومية غاليا، فضلا عن متابعات قضائية متعلقة بقضايا فساد طالت عديد المسؤولين وأتت على الأخضر واليابس في الجزائر خلال السنوات الماضية، حيث كانت بداية مسلسل الأخطاء بطرح السلطات لدفتر شروط جديد يتعلق باستيراد المركبات الجديدة التي وجب توفر معايير معينة فيها للسلامة والأمن، ما تسبب في توقف دخول المركبات إلى البلاد لعدة أشهر. وفي نهاية 2015 وفي ظل الصدمة النفطية التي أعقبت أزمة 2014 وتهاوي أسعار الخام، أقرت السلطات إجراءات في قانون المالية تقضي بإخضاع استيراد السيارات الجديدة لتراخيص مسبقة تسلمها وزارة الصناعة، في محاولة للحد من نزيف العملة، وبلغت واردات الجزائر من السيارات في 2013 نحو 650 ألف مركبة، بتكلفة فاقت 7 مليارات دولار، هي الأعلى في تاريخ البلاد حسب معطيات وزارة الصناعة آنذاك، وعقب تقليص الاستيراد اعتبارا من 2016، أطلقت الحكومة مشاريع لتركيب وتجميع السيارات في عدة ولايات مع شركات عالمية أوروبية وآسيوية في خطوة قالت حينها إنها تهدف لجعل الجزائر بلدا مصنعا للسيارات في غضون سنوات.إعادة بعث القطاع بالمقابل، استفاد أصحاب المصانع من عدة امتيازات منها إعفاءات ضريبية وجمركية لمدة 5 سنوات، والحصول على أراضي إقامة المصانع بشكل مجاني من طرف الدولة، مع اشتراط نسبة إدماج محلية معينة، ومع مرور أشهر وليست سنوات، لم تتمكّن هذه المؤسسات والشركات من الالتزام بما حدّد في دفتر الشروط وأصبحت هذه الأخيرة تطلق عليها تسمية "مصانع نفخ العجلات"، كتعبير لعدم رضا المواطنين بما يقدّم لهم من خدمات من طرف هذه المصانع وأنها تكتفي بالاستيراد لا أكثر ولا أقل، لينتهي بها المطاف بالغلق أو تحويل أغلبها لصالح الدولة بعد بدأ حرب المحاكمات في إطار محاربة الفساد التي شنّها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ضد الفساد والمفسدين في الجزائر، وهذا ما أكّده السيد الرئيس في سبتمبر 2021 حين أعلن عن تجاوزات بالجملة حدثت في مصانع تركيب السيارات في الماضي تسببت في ضياع 3.2 مليارات دولار، مبرزا، أن هذه التجاوزات أدت إلى تسويق سيارات جزائرية للمواطن بسعر أعلى من تلك المستوردة. لتبدأ معركة أخرى في مجال تسويق وتصنيع السيارات في الجزائر وبفضل الإرادة السياسية لإعادة بعث هذا القطاع ، أسدى السيد الرئيس تعليمات صارمة لإخراج هذا الملف من حالة الانسداد التي عاشها منذ سنوات خلت، حيث وقّعت وزارة الصناعة في 13 أكتوبر 2022 اتفاقا مع شركة "فيات" الايطالية لإقامة مصنع للسيارات بولاية وهران، وجرى التوقيع بالعاصمة بحضور السفير الإيطالي جيوفاني بولييزي، وسفير الجزائر لدى روما عبد الكريم طواهرية، وجاء التوقيع، حسب بيان الوزارة بعد "مشاورات تمت في الأيام القليلة الماضية بين الطرفين.. يندرج المشروع في إطار الرفع وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي بين البلدين.إنتعاش السوق وتعتبر هذه الاتفاقية مع مجمع ستيلانتيس، الناتج عن اندماج شركات "بي. أس. أ" و "فيات-كريسلار"، والمتعلقة بإنجاز مشروع لإنتاج المركبات السياحية والمركبات الخفيفة بولاية وهران، وكذلك تطوير الأنشطة الصناعية وخدمات ما بعد البيع وقطع الغيار للعلامة التجارية، خطوة أولى لتأسيس صناعة حقيقية للسيارات في الجزائر، ويحتل المجمع المرتبة الثانية في أوروبا بعد "فولكس فاغن" والرابعة في العالم في صناعة السيارات. ويتوقّع الكثير من الخبراء والمختصين والعارفين بسوق السيارات، أن مشكل ندرة السيارات سينتهي مع نهاية السنة الجارية في حين ستعرف السنوات المقبلة إنخفاضا محسوسا في أسعار السيارات، وذلك بعد دخول العلامات المستوردة والسيارات المصنّعة محليا إلى الجزائر وذلك بعد ضمان الوفرة والاستقرار والضرب بيد من حديد من أجل محاربة المضاربة والاحتكار وغلق الباب أمام " السماسرة " من أجل خلق جو ومناخ يساعد على رفع نسب صناعة السيارات في الجزائر.

يرجى كتابة : تعليقك