استفاد عدد من المسرحيين المحترفين والهواة من دورات تكوينية في مجال التمثيل والكتابة المسرحية وكذا التسيير العام للعروض وذلك في إطار الطبعة الـ 16 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف بهدف تحفيزهم على التخصص في مختلف فنون العرض والتحكم فيها تقنيا.وشكلت ورشة الكتابة, التي أدارها وأطرها الفنان فتحي كافي, واحدة من الورشات
المنظمة على مستوى المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي, حيث استقطبت "زهاء 20 متربصا من مختلف الاختصاصات والمجالات كانت لهم الفرصة للتعرف أكثر على الجوانب التقنية المتعلقة بالنص المسرحي والتي لا يمكن التخلي على أحد من هذه العناصر لأنها تساهم في اكتمال بناء الفكرة وتمهد الطريق لوصول الرسالة المراد تبليغها للمتلقي", يقول السيد كافي. وبخصوص أهمية ورشة الكتابة المسرحية, أردف المتحدث قائلا أنه يسعى إلى "الاستثمار في التكوين في هذا المجال لمحاولة تلبية حاجة الحقل المسرحي لمؤلفين متخصصين في الكتابة المسرحية, ولتدعيم ما هو موجود في الساحة حاليا والتغلب على النقص المسجل من حين لآخر". وأكد في هذا السياق, بأن ورشته كانت عبارة عن لقاءات عملية تشاركية ومرافقة لحاملي الأفكار واشتغال على طرق صقلها وتدوينها وفق منهجية فنية يمكن أن تترجم لاحقا على الخشبة, مشيرا إلى أنه حاول أن يمنح المتربصين "مفاتيح الكتابة لكل من يريد أن يخوض هذا المجال شرط أن يمتلك الموهبة والرغبة وتوسيع مداركه المسرحية" ذلك أن الورشة بالنسبة إليه "ما هي إلا بداية لمشاريع مفتوحة يمكن
العمل عليها بعد انتهاء المهرجان". كما انفردت الطبعة الـ 16 لمهرجان المسرح المحترف بتنظيم ورشة التسيير العام
للعروض ولأول مرة من تأطير المتخصص شريف شيخ الشيوخ, بالنظر إلى أهمية المهن التقنية في العملية المسرحية, والذي تكفل بمرافقة تقنيين ومسيري عروض من مختلف المؤسسات المسرحية ودور ثقافة وقدم لهم تعريفات مضبوطة عن المهن التقنية الخاصة بالمسرح. وحاول شريف شيخ الشيوخ ,بحكم اختصاصه في المجال واشتغاله بمؤسسات فنية مثل
المسرح الوطني وأوبرا الجزائر, وفي غياب مدرسة تكوينية قائمة بذاتها في الجزائر, "توضيح مهمة المكلفين بالتسيير العام للعروض أولا حتى نساهم في تحديد المفاهيم الموجودة على أرض الواقع وعدم الخلط بين المهام الكثيرة المرافقة
للعروض سواء المسرحية أو الفنية أو الاستعراضية, مشيرا إلى الفروقات بين المسير العام والمسير المكلف بالإضاءة أو المكلف بالفنانين والمكلف بالفيديو أو الآلات أو الأكسيسوارات وغيرها من التفاصيل المتعلقة بتسيير العرض".
وأكد أن المجموعة التي استفادت من هذه الورشة هم أساسا مهنيين جاؤوا من مسارح مختلفة من سوق أهراس, الأغواط, مستغانم, أدرار, بشار, جيجل والجلفة إذ تعد الورشة بمثابة "إعادة رسكلة للمعلومات وتقنيات العمل" خاصة وأنها ليست مجرد مهنة بقدر ما هي مسؤولية كبيرة يتحمل المسير العام لإنجاح عرض فني وتقديم الفرجة التي يتوقعها الجمهور.
وأما ورشة التمثيل التي أطرها المخرج حيدر بن حسين, فأكد بدوره أن الغاية منها "مد جسور تعاون ودينامكية بين الممثلين والفنانين لفهم وإدراك كيف يبنى الممثل وكيف يفهم معاني الألم الانساني وكيف يترجم ذلك على الخشبة وفق أسلوب
فني مبدع", مردفا بالشرح أن "الممثل في حركته المستمرة يقوم بخلق مسافات وهو في غمرة الفعل المسرحي ولهذا عليه ان ينتبه الى الشريك والفضاء والاكسيسوارات وكل ما يدور حوله". وركز بن حسين في حواره المتواصل مع المتربصين على أهمية علاقة الممثل مع الزمن والاختلاف الموجود بينه وبين الشخص العادي, ونظرته إلى الحياة من وجهة نظر مختلفة وفق خبرات حياتية متعددة يحاول جمعها وفهمها واستقراء معانيها وتحليلها تماما مثلما يفعل الشاعر والروائي والرسام.كما دعم المؤطر ورشته بتعريف الممثلين بالمنهج الذي قد يساعد الممثل على تكوين الفكرة وفق منطق معين, قبل الانتقال إلى ميكانيكية الأداء وبناء الشخوص وتعلم تقنيات التنفس وغيرها من التفاصيل التي تبني شخصية الممثل وتساعده على
فهم الأدوار, داعيا إياهم إلى "التزام بالتمارين باستمرار والاشتغال على لغة الجسد والتدريب على القراءة وإعطاء قيمة للنقطة والفاصلة داخل النص لأنها جزء من الأداء الفهم". وتختتم غدا الأحد فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي بإعلان الفائزين بمختلف جوائز المسابقة الرسمية.