انطلقت الأيام الوطنية الخاصة بالحلقة الشعبية التي يجري تنظيمها بقاعة المسرح الجهوي لسيدي بلعباس تحت شعار " الذاكرة الشعبية والهوية الوطنية" حيث افتتح التظاهرة الشيخ قويدري اسماعيل من ولاية سعيدة - الذي سبق له أن جال وصال في عديد الولايات ونال جائزة السنبلة الذهبية مرتين - بعرض حلقوي متميز استهله بترديد قصائد مليئة بالحكم والعبر والأقوال المأثورة قبل أن يمتع الجمهور بأغاني من نوع البدوي رافقه في ذلك وبتناغم وانسجام عازف بارع على القصبة ( الناي) وضارب على الدربوكة متناولا قضية غزة " العزة" و الوضع العربي المزري ثم حبّ الوطن فأهمية الأخلاق العالية في المجتمع وطاعة الله ثم طاعة الوالدين .كلها أغاني مؤثرة تجاوب معها الجمهور أيما تجاوب بالتصفيقات أداها بصوت جهوري أصيل وجذاب وبايقاعات متنوعة لابعاد الملل عن المتلقي. واثر ذلك فسح المجال للدكتور ادريس قرقوى من جامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس الذي ألقى مداخلة قيمة حول دور الموروث الشفهي في الحفاظ على الهوية الجزائرية – الأدب الشعبي – نموذجا اذ تحدث في البداية عن نشأة الحلقة الشعبية التي هي تراث جزائري حيث كان أجدادنا بعد انتهاء الحصاد وجني الثمار يفرحون ويعبرون عن ذلك بإقامة حفل باعداد الطعام وتنظيم حلقة يتبادلون فيها الاراء ووجهات النظر وفي بعض المناطق كانت تأخذ صفة " الوعدة " التي عادة ماتقام بعد موسم جني المحاصيل , والقوال الشعبي استثمر في الأدب والتراث الشعبي الحكاية والنكتة وأمثال وأشعار شعبية وحتى اللحن و الملفت للانتباه اذا ما رجعنا الى عهد الاحتلال الفرنسي فان القوال الشعبي هو الملاذ الوحيد للمواطن الجزائري الذي كان أمّيا للحفاظ على هويته حيث كان أثناء الحفلات بمثابة الواعظ يعلم الناس طاعة الوالدين والحفاظ على الأمانة, وعلاوة على ذلك فان القوال كان عند اقامته للحلقة في الأسواق الشعبية وفي الساحات يغتنم الفرصة لجمع الأموال التي إليه المتحلقون ك "زيارة" ثم يدعم بها الثورة التحريرية لشراء الأدوية والأسلحة دون أن يتفطن اليه الاحتلال .و اختتمت الحفل في يومه الأول فرقة مسرح القول التي يقودها الفنان القدير عباس لكارن بعرض " اخر حلقة " التي ظهر عناصرها بالزي التقليدي يضربون على البنادير ومعهم نبال العازف على القيتار و افتتحت " باسم الله بديت وعلى النبي صليت ثم ترديد أحكام وأقوال مأثورة وقصائد شعبية لفنانين كبار مروا من على الطحطاحة بسيدي بلعباس وصولا الى أغنية ديوان الصالحين بايقاع خفيف شد اهتمام المتفرجين ثم الصف التي تضم القاء أغاني عن الثورة التحريرية قصيدتين مشهورتين الأولى " قلبي تفكر الاوطان والهالة " للشاعر مصطفى بن براهيم والثانية للشاعر أحمد بن حراث بترديد قصيدة "عين بادحو" يمجد فيها شجاعة وبسالة ذلك الرجل البطل باأحمد - كما تشير اليه القصة- الذي تمكن من قتل سبع كان يمنع النساء من التردد على منبع للماء متواجد بسيدي بلعباس وتتوج عناصر الفرقة هذا الحفل بأداء أغاني من طابع الديوان.عباسية مدوني مسؤولة خلية الاعلام والبرمجة بالمسرح الجهوي أكدت أن هذه التظاهرة الخاصة بالحلقة الشعبية تهدف الى حفظ التراث الشعبي وأرشفته والترويج لهذا النوع من الفن والعمل على رفع مستوى الّذوق الجمالي والابداعي والروحي.