الصبر للنفس خير دواء

الصبر للنفس خير دواء
رمضانيات
يقول الله عز وجل لنبيه : {وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا} سورة الكهف الآية 28 .إن نبي الله صلى الله عليه وسلم عندما وصف الصوم قال : (الصوم نصف الصبر ، ) وعن الصبر قال صلى الله عليه وسلم (ومَن يَتصبّرْ يُصبِّرْه اللهُ، وما أُعْطِيَ أحدٌ عطاءً هو خيرٌ وأوسَعُ مِنَ الصَّبرِ.) فهكذا يكون الصبر خير دواء للنفس ، لأن الصبر خلق جليل يعطي للنفس القدرة والقوة على تحمّل ما لا تطيق ، فهو من الصفات المحمودة في ديننا، وحيث أن أشد داء على النفس قلقها واضطرابها وجزعها ، فيكفيها أن يكون الصبر نقيض الجزع، والتضجر ،والإضطراب، والقلق ، لتسكن وتطمئن . وحيث أن من معاني الصبر الحبس ، فهو بذلك يحبس النفس عن الجزع، ويحبسها عن محارم الله تعالى، ويحبسها للقيام بمافرض الله عليها ، ويمنعها عن الشكوى والتسخط والتضجر من أقدار الله. وهكذا كان الصبر للنفس نعم الدواء من كل داء. والصبر أنواع ودرجات مختلفة ومنه: الصبر ، والتصبّر، والاصطبار، والمصابرة، والاحتمال. فما كان منه خُلُقاً للإنسان فإنّه الصبر، وإن كان يقع بتكلّفٍ مع ما تستصعبه النفس من تجرّع مرارته فهو التصبّر، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ومَن يتصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ). أما الاصطبار فهو بداية للتصبّر، فإنّ كثرة تكرار التصبّر فإنه يجعله اصطبارًا، وأمّا المصابرة فيكون وقوعها بين اثنين في حال المخاصمة والمرابطة، فكل منهما يرجع إلى الصبر ويلتزم به ، ويتوقّف الصبر في نهايته على تقوى الله ، ويتجلّى ذلك في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). والله عز وجل وعد عباده الصّابرين بالأجر والثّواب العظيم، وقد ذكر ذلك في كتابه العزيز في أكثر من سورة وآية؛ حيث أعدَّ للصابرين جنّاتِ النّعيم، وعوّضهم أجر صبرهم وجهادهم لأنفسهم، وأعطاهم من الجزاء أضعاف ما تمنّوا ممّا صبروا عليه. فعن الصابرين وما ينتظرهم من النعيم تحدث القرآن الكريم فقال الله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} سورة المؤمنون الآية 111. فلم يقل الله تعالى بما صلوا ،أو بما صاموا ،أو بما تصدقوا، بل قال بما صبروا؛ وذلك لأن الصبر عبادة نؤديها ونحن نتألم لشدة وقعها على النفس فيجازينا عليها الله نعم الجزاء. ويظهر أثر الصّبر على العبد في الدّنيا قبل الآخرة؛ فيعوّض الله النفس الصابرة بما هو خير لها، فيوسّع لها في رزقها، ويصب عليها الأجر يوم القيامة صبا. إننا في حياتنا كثيرًا ما نتعرض لأزمات ومشكلات بعضنا قد لا يتحملها فينفعل ويضجر؛ مما قد يجعله ذلك يرتكب أخطاءً جسيمة يندم عليها، وأما البعض الآخر فيصبر ويلجأ إلى الله لينجيه من محنته، وهؤلاء هم الفائزون لا محالة ، والصبر أعظم وسيلة لتكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، ومحو الخطايا، ودخول الجنّة، وهذا من أعظم ما يجنيه العبد من الصبر، دلّ على ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).سورة الرعد الآية 24. فاللهم اجعلنا من الصابرين ومع الصابرين آمين.

يرجى كتابة : تعليقك