صخرة أخرى من أساسات الجمهورية تهوي.... أبي الروحي "بن عامر بوخالفة" في ذمة الله

صخرة أخرى من أساسات الجمهورية تهوي.... أبي الروحي "بن عامر بوخالفة" في ذمة الله
آراء و تعليقات
من أشد الأوجاع أن ترزأ في أبيك مرتين... واحدة عندما يموت والدك البيولوجي، والثانية عندما يلتحق بالرفيق الأعلى من كان سببا في تحقيق حلم العمر، وكان السند في العمل، والحفاظ على "الخبزة"... أبي الروحي "بن عامر بوخالفة" ! هذه كلماتي إليك التي لم يحالفني الحظ أن أقولها لك وجها لوجه وأنت على قيد الحياة، لكنني سأسمعها للقاصي والداني وأنت بين يدي خالقك... كنت فعلا رئيسا مديرا عاما لجريدة الجمهورية من 1997 إلى 2012... لديك جرأة المسؤول الذي يتحكم في زمام الأمور بالشدة حينا واللين أحايين أخرى... يتخذ القرارات الصعبة في الوقت الأصعب...كنت عصبيا أي نعم ...لكن في الجانب الآخر كنت إنسانا ... طيبا... دمعه قريب عند فقدان الأعزاء من أصدقائك ومن سبقوك من زملائنا إلى دار الخلود ومنهم المرحوم محمد شرفاوي وغرداوي محمد على الرغم من شخصيتك القوية.. لا يعرف عنك هذا إلا كل من احتك بك وأنا واحدة منهم... كنت غيورا على مهنة المتاعب وعلى الجمهورية بالذات.. التي فارقتها لسنوات بعدما أفنيت زهرة شبابك فيها من 1967 إلى بداية التسعينات عندما قررت أن تخوض تجربة الإعلام المستقل.. ثم عدت إليها في مارس 1997 مسيّرا فرئيسا مديرا عاما... كنا نعمل معك ونحب ما كنا نقوم به... نتأخر عن أبنائنا ولا نلتحق بمنازلنا إلا في وقت متأخر عن طيب خاطر... لأننا كنا ندرك جيدا أننا نقدّم شيئا مهما للتاريخ وللقراء...كنا نتقاسم معك شغف المهنة... أخذت لجام الجمهورية بعد غلقها في فبراير ثم إعادة فتحها في مارس 1997 في زمن إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية ومنها مؤسسة الجمهورية، وكان هذا في وقت عصيب جدا... زمن كان لايزال شبح العشرية السوداء يخيّم على بلدي الجزائر، ومع ذلك قبلت بالمسؤولية، ومعك ثلة من الصحفيين... كانوا شبابا حينها... وتحمّلوا صعاب البداية... أبي الحبيب ! ما عساي أقول اليوم وأنا أسمع نعيك عند دخولي إلى مكتبي بمؤسسة الجمهورية... "المكتب" الذي وفّرته لي أنت عندما منحتني فرصة أن أكون إعلامية مرسّمة ضمن طاقم الجمهورية... خبر موتك صعقني وأنا التي كنت أنوي زيارتك غدا في المستشفى العسكري بوهران... أعترف بجبني... إذ لم تكن لدي كامل الجرأة لأشاهدك طريح الفراش وأنت الأسد الذي كنت تزأر في كل ركن من أروقة الجمهورية، ومع ذلك كنت سأتحامل على نفسي وأزورك... وأقبّل جبينك... وأهمس في أذنك بوشوشات البنت لأبيها...لم أفعلها في المستشفى لكن تداركت قبلتي على جبينك وأنت مسروج في نعشك... كفارس مقبل بصدر مفتوح على أفق جديد... أذكر أنني عندما كنت نقابية وأنت مدير المؤسسة، كنت في أغلب الأحيان أخاطب إنسانيتك، وحقّق الفرع النقابي في زمنك الكثير من المكاسب للعمال... وأغلب عمال الجريدة ترسموا على يديك... وجنوا أرباح المؤسسة.. وأدخلت البهجة إلى بيوتهم بالمنح أيام رمضان والأعياد التي لم تكن تستثن منها حتى المتعاونين.. اليوم وأنت بين يدي ربّك... ودموعي تنهمر حزنا عليك... وكلماتي عصية الخروج تأبى أن تطاوعني لأرثيك كما ينبغي للبنت أن تبكي أباها وهو يسير في ركبه نحو مأواه الأخير... لا أملك لك سوى الدعاء في صلاتي، وزيارة قبرك عندما تتوفر لي فرصة ذلك... لكن ثق أن حزني عليك لن يكون أقل من حزني على والدي رحمه الله... رحمك الله أنت أيضا وثبّتك عند السؤال.

يرجى كتابة : تعليقك