هذه العبارة كثيرا ما سمعناها من دعاتنا وعلمائنا الأجلاء خصوصا في الأيام الأواخر من رمضان وقرب عيد الفطر المبارك، والذي يعني بالنسب للبعض انتهاء موسم العبادة وعودة ريمة إلى عاداتها القديمة؛ أما بالنسبة للبعض الآخر فيعني ذلك المحافظة على المكتسبات التي حصل عليها بمناسبة هذا الشهر الفضيل من توبة ورجوع إلى الطريق المستقيم وتوازن في الحياة بين العمل والعبادة وبين الاهتمام بالذات وبين الاهتمام بالغير والحرص على أعمال البر والخير.
الموضوع أشبه بالمدرسة التي يخرج منها من يحملون شهادات النجاح والفوز والتفوق ليدخلوا عالم الأعمال والمشاريع من أوسع الأبواب كما يخرج منها راسبون لم يحصلوا لا على شهادة نجاح ولا شهادة حضور حتى، لقلة الاهتمام وكثرة التغيب والمشاغبة؛ وشتان بين الخروجين.
ويوم العيد هو يوم الجائزة، يفرح الصادقون بالأجر وتصافحهم الملائكة وترتفع قوائمهم في السماء بالرضا والرضوان والرحمة والغفران، وأسماء أخرى خارج التصنيف من أولئك الذين ضيعوا رمضان بالتقصير غير منتبهين لسوء المصير، فعصوا وغشوا وآذوا وبالغوا في الأسعار والاحتكار والإجرام والإفساد في الليل والنهار ...نسأل الله الهداية للجميع.
يتميز العيد عندنا بسنة التغافر، التي تعني التسامح والتصالح، وتظهر في التزاور وصلة الأرحام والأقارب والأصدقاء والتقاء الفرقاء بالأحضان والعناق.
كما يحرص الناس على أن يفرح الأطفال هذا اليوم، لأننا نكرمهم باللباس والهدايا والألعاب والعيدية وهي مبالغ من المال تعطى لهم كل واحد بحسب إمكانياته، لكنها تترك أجمل الأثر في نفوسهم وتحببهم أكثر في العيد والصوم ومعانيه السامية.
من غرائب العادات أن تكثر طاولات بيع الشواء ليلة وصبيحة العيد، بجانب طاولات الألعاب والهدايا، فالحذر الحذر؛ فليس كل ما يعرض يصلح للاستهلاك.. ولا تدري أي لحم يباع هناك.
ويتوافد الناس بكثرة على الحمامات والحلاقين ومحلات الملابس للمتأخرين في الشراء؛ لاستقبال العيد طاهرين بأحسن مظهر وهيئة. لكن لا ينصح بكثرة السهر حتى لا يتعب الانسان خلال النهار ويستطيع الاستمتاع بلحظاته ويحافظ على صلواته، ويلقى الناس بوجه صبوح لا جفون متدلية.
من السنن تناول شيء قبل الخروج باكرا للمصلى وانتظار صلاة العيد بالتكبير والتسبيح والتهليل، وهو جو رائع تهتز له المساجد والشوارع احتفالا، وامتنانا لله تعالى واقتداء بالنبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
يعرف الكثيرون أهمية العودة التدريجية لنمط الغذاء العادي المتمثل في ثلاث أو أربع وجبات يومية، فيحرصون على التحكم في كمية الطعام الذي يتناولونه في الأيام الأولى من شوال، لكن تجد من يتناول كمية ضخمة من الحلويات والمأكولات متسببا لنفسه الكثير من الأوجاع والمشكلات.
يعود البعض سريعا لصيام الستة أيام من شوال، ومنهم من يشرع في ذلك من ثاني يوم عيد، في حين يتريث آخرون بضعة أيام أو يفرقونها على أيام الشهر راغبين في تمام الاجر والثواب وجبر بعض ما نقص في الفرض بالتنفل والتطوع.
ومن يريد البقاء في أجواء رمضان الروحانية ومواصلة الارتقاء بنفسه وتزكيتها، فما عليه سوى المحافظة على صلاته في أوقاتها، وصيام التطوع وقيام التطوع والصدقة والذكر والدعاء وقراءة القرآن واحترام شعائر الله والتحكم في الذات والشهوات والبعد عن الذنوب والسيئات؛ لينال أعلى الدرجات وأكبر قدر من الحسنات.
وفي الختام، أهنئكم بالعيد السعيد، متمنيا لي ولكم قبول الطاعات وأن يعيده الله علينا بالخير واليمن والبركات
وكل عام وأنتم إلى الله أقرب