إنه الشيخ العلامة ولد العربي حاج بوعلام ،الشيخ العابد والصالح، ولد بالحساسنة بولاية سعيدة في 18 نوفمبر 1918م، ينحدر من عرش "ولاد أحمد بلحاج "، عاش في عائلة محافظة متواضعة، توفي والده وهو لم يتجاوز سن 17 سنة فكفله جده، بدأ رحلته في طلب العلم وحفظ القرآن الكريم منذ صغره في الكتاتيب عند شيخ الدوار " بن ويس حاج مختار "، وبعد قطعه أشواطا في الحفظ وجّهه شيخه لإكمال الحفظ والتخرج في عدة زوايا عند مشايخ، ومن بين تلك الزوايا، زاوية الشيخ الحاج بودالي، وزواية الشيخ سيدي بوحركات طلبا للعلم والمعرفة، بعدها انتقل إلى دوار "واد البيان"، ثم توجه إلى ولاية معسكر التي كانت محطته الأخيرة التي أتم فيها حفظ القرآن الكريم، وعاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه بلدية الحساسنة ،حيث بدأ في تدريس القرآن الكريم لأبناء بلديته والمناطق المجاورة لها، وقد تخرج على يديه طلبة وحفظة القرآن بأعداد كبيرة، منهم مدرسين للقرآن وأئمة ومشايخ في الكتاتيب والزوايا وفي السلك الديني.
هذا قليل من الكثير في حق العلامة الشيخ العابد الزاهد " الحاج بوعلام "، القارئ والمطالع للكتب والمعلم الحريص على تعليم القرآن الكريم المحب لكتاب الله وسيرة نبيه صلى عليه وسلم ، كان يبقى في المسجد ملازما ما تبقى من عمره فقد كان يحرص على الآذان لصلاة الفجر، مداوما في كل الفصول ويؤم المصلين ويحرص على دوام وجود في مدرسته القرآنية من الصباح حتى المساء التي درّس فيها أجيالا كاملة، فكان ملازما فيها يقرأ كتب العلم من فقه وتفسير، خلّف مكتبة بكتب نادرة وقديمة كانت عند شيوخ كبار، وقد كان ملازما لحلقات القراءة الجماعية للقرآن الكريم مع حفظة القرآن، وكان مقصدا من كل مناطق الوطن نظرا للصيت الذي اكتسبه، فكان نقطة التقاء جميع الفرقاء والأعراش، ومقصدا للصلح وحاضرا في العزاء، مواسيا ومغسلا ومقرئا للقرآن الكريم مع جميع القراء من تلامذته، وكان حضوره في الفرح للبركة والدعاء مطلبا شعبيا من أهل المناطق، فقد استطاع الشيخ العلامة الذي كان يزور مشايخ عدة لزوايا في ولايات الوطن، ويقومون بزيارته أن يكون منارة علمية دينية راج صيتها في كل منارات علمية ولدى شيوخ الوطن.
ولعل العدد الهائل الذي خلفه من حفظة وفقهاء الدين يعكس بركة وجهد الشيخ الزاهد الذي كان شعاعا لولاية سعيدة ولكل الوطن، ومازال طلبته وتلامذته على خطى شيخهم يقرؤون القرآن الكريم، ويدرسونه ويقومون بخدمة المسجد ويؤمون المصلين في الصلوات ويحيون ليالي القدر على مدار سنوات، ويجتمعون في مدرسة القرآنية التي مازالت مفتوحة لترتيل وقراءة القرآن كصدقة جارية في صحيفة العلامة الشيخ، ومازال طلبته يعلمون أجيالا أخرى القرآن الكريم، ومازال ذلك الشعاع العلمي مستمر من جيل إلى جيل، لتصل تلك التركة العلمية لأجيال أخرى إلى أن ألزمه المرض الفراش، وتوفي الشيخ يوم الجمعة 10 يناير 2014م ودفن في مقبرة " سيدي امحمد بن عامر" بالحساسنة كما أوصى رحمه الله.
