سميحة صياد أوراسية تنتمي إلى منطقة الأشاوس والمجاهدين، إلى عبق التاريخ والحضارة، سليلة الكاهنة وماسينيسا والعربي بن مهيدي ومصطفى بن بوبلعيد وعباس لغرور، لقبها محبوها بـ"ساندريلا الإعلام الجزائري"، نظرا لجمالها وحضورها الاستثنائي وثقافتها الواسعة في جل المجالات، شغوفة بالكتابة أيما شغف، مولعة بالحرف الجميل والأسلوب الأنيق، قارئة مُطّلعة ومحاورة ممتازة بشهادة الجميع، وهو ما رسخ وجودها إعلاميا وعزز مكانتها في مؤسسة التلفزيون الجزائري وقبلها في الإذاعة الوطنية، ورغم نجاحها في مسارها الصحفي، وحرصها الكبير على تقديم الأجود والأحسن، إلا أنها لم تتخل عن شغفها بالكتابة، ولم تهمل حسها الأدبي الذي رافقها منذ الطفولة، بل بالعكس كانت سميحة تختلي بقلمها ونصوصها كلما أحست بأنها تحتاج إلى البوح والتنفس ومعانقة الجمال، وتنشر كلما تخطه يداها عبر صفحتها الفايسبوكية، حتى يتقاسم الأصدقاء معها لحظاتها المهربة من الزمن، فتنثر البهاء هنا وهناك، وتصنع جلسات أدبية جميلة، يحتسي فيها الجميع شاي الفكر والإبداع، كيف لا وسميحة صياد هي التي تعده بما تملك من محبة ومشاعر صادقة تنبض بكل ما هو جميل .
تقول سميحة صياد: "الإعلام كان عشقا منذ الصغر ...كنت أشاهد النشرات وأنا لم أدخل المدرسة بعد..أذكر حادثة طريفة كنت برفقة والدي حفظه الله وكان يشاهد نشرة الأخبار ،كانت المقدمة " زهية بن عروس"، قلت له وقتئذ سأصبح صحفية مثلها، القديرة صورايا بوعمامة أيضا كنت أحب جدا ظهورها، جمالها، ركوزها، تألقها، فتربيتُ على ذلك الجيل الجميل ،كمال علواني، حمراوي حبيب شوقي وغيرهم...فكبرت الفكرة والرغبة والعشق معي، إلى أن تحصلتُ على شهادة البكالوريا بمعدل جيد، ولجت على إثره عالم الإعلام كلية الاتصال وعلوم الإعلام بجامعة "منتوري" بقسنطينة، بعد تخرجي مباشرة نجحتُ في مسابقة وطنية للولوج إلى إذاعة الجزائر من أم البواقي سنة 2007 ،قبلها راسلت عدة جرائد محلية ووطنية، معناه أن مساري بدأ بالصحافة المكتوبة ثم الإذاعة المحلية والإعلام الجواري، وما له من أدوار في تحقيق التنمية وإسماع صوت المواطن، فقدمت برامج عديدة منها "بين الإدارة والمواطن" و"برنامج انشغالات" الذي مازال أثره ووقعه إلى يومنا هذا ،كما أجريتُ العشرات من الروبورتاجات والتحقيقات والبورتريهات والبرامج لسنوات طويلة ، سنة 2014 نجحت في مسابقة وطنية لاستكمال الماستير في المدرسة الوطنية العليا لعلوم الإعلام والصحافة تخصص سمعي بصري وإعلام جديد، التحقت بالإذاعة الوطنية ،ثم الإذاعة الدولية، أين قدمت حوارات مهمة مع سفراء ووزراء وقامات وطنية ودولية في السياسة والاقتصاد والديبلوماسية، إضافة إلى برامج خاصة تتعلق بالأحداث الوطنية والدولية، وبرنامج "نقاش" الذي كان نقطة تحول في مساري، من خلال معالجة مختلف الملفات الدولية والوطنية وفقا للسياسة الخارجية لبلدي ومواقفه المشرّفة وعقيدته الراسخة وديبلوماسيته الناعمة وأدواره الوازنة..
بعدها وفي سنة 2019 التحقت بالتلفزيون الجزائر القناة الاخبارية الثالثة وعملت في القسم الدولي بحكم التخصص وقدمت برامج سياسية ..سنة 2021 كلمني المخرج الكبير وكان رئيس مشروع قناة الذاكرة لأعد وأقدم برنامجا في قناة الذاكرة، وقد كنت من مؤسسي القناة، ولي كل الفخر بذلك ، قدمت في البداية برنامج "كتب للذاكرة" لأكثر من سنة، قدمت فيها كتابات عدة كتاب وروائيين جزائريين كبار، ثم توجهت إلى البرامج الخاصة واللقاءات الخاصة، فأجريتُ حوارات للتاريخ مع المجاهد رئيس مجلس الأمة "صالح قوجيل" الذي تعلمت منه الكثير في السياسة والتاريخ، ومازال البرنامج قائما، إضافة إلى "منتدى الذاكرة" الذي أعده وأقدمه منذ عام تقريبا، ويتعلق بمختلف الأحداث الوطنية وصناع وكتاب التاريخ في الوطن وخارجه ..هذه أهم محطات مسيرتي المتواضعة التي حاولت فيها أن أرفع راية وطني عاليا دوما وأبرز تاريخ ومواقف هذا الوطن الذي سقاه الشهداء بدمائهم الطاهرة".
وفي ردّها على سؤالنا حول كيفية تمكنها من التنقل بين السياسة والتاريخ والاقتصاد، ثم الأدب والفكر والثقافة، أوضحت سميحة صياد أن الأمر ليس بالهين، بحكم عشقها للصحافة، حيث أنها تعلمت من الكبار، ومن خلال تكوينات التي قامت بها سواء في الخارج أو الجزائر من منها bbc ، eurovision، Montpellier، مصر ،دبي.. وكانت كلها أكثر من مهمة في مسارها على حدّ تعبيرها، وتضيف سمحية أنها تعلمت أن الصحفي وجب أن يعرف في كل الميادين والمجالات تماما كما الطبيب العام، ثم يتخصص بعد سنوات فيما يحب أو يميل إليه، و الأكثر من هذا عشقها للأدب والفكر والثقافة، فهي تكتب ماتسميه بـ "الخربشات" منذ سنوات طويلة، انتشر بعضها على حسابها بالفايسبوك، كما تكتب سميحة قصصا صغيرة وتعمل على كتابة رواية أجحفت في حقها بسبب العمل والمسؤوليات.. وهنا قالت سميحة :" توجهي إلى بعض البرامج الأدبية، فيه من المتعة ما فيه رغم التحضير المضني، أن أحاور الكبار من الكتاب، معناه أن أقرأ لهم وأن أعرف إيديولوجيتهم وحالاتهم النفسية، حتى أستخرج نفائسهم المكنونة ، فلا أكرر نفسي وأكرم ضيفي كرم الكبار فكرا وحضورا".
ولأن الجمهور المتابع لكتابات سميحة صياد قد تساءل في العديد من المرات عن سبب عدم صدور أي مؤلف لها، ترد سميحة : " فعلا علي أن أفكر جديا في لملمة كتاباتي المتناثرة في رفوف خزائني، وفي مكتبتي الصغيرة لأنشرها للقراء، فالكثير من الأصدقاء يلومونني على عدم النشر، شعرا ونثرا وأنا مجحفة ومقصرة، أعترف في حق نفسي وفي حق من يتوقون لقراءة ما أكتب، فمن الواجب عليّ أن أخرج حبر الروح كما أسميه أيضا حتى لا يبقى حبيس الأدراج وعلى صفحات "الفايسبوك" .
وبين الإعلام والأدب، ترد سميحة بكل عفوية" الإعلام عشق وشغف، والكتابة أجنحة من نور تأخذني إلى عوالم سامقة..وفي الاختيار بينهما حيرة لا تفضيل، الأمر يحتاج تفصيلا...لكل منهما سميحة أنتمي إليهما ويشكلان أجزاء مهمة من كينونتي ..الصحافة حلمي الذي تحقق بدءا بالصحافة المكتوبة إلى الإذاعة ثم التلفزيون...وكلها مدارس نهلت منها حتى ظهرت "سميحة صياد" التي يراها المشاهد الآن بعد17سنة من الإعلام والصحافة، أما الكتابة فهي التحرر في فضاءات رحبة، هي الأنا التي تسبح في الملكوت..هي التداخلات النفسية..الحالات والإحالات، هي تلك التركيبة المعقدة والبسيطة من النفس والروح والفكر والأحاسيس والنظرة ووو..الكتابة هي الكل المكتمل والكل المجزء مني..بها أحيا وأتنفس أتحرر من قيود الإعلام وسلطانه، فالمشاعر هي سلطان الكتابة...ما نحسه ونشعر به ينساب حبرا يعكس واقعا ومخيالا وطموحا..لذلك التفضيل فيه من التفصيل ما فيه وفي النهاية أعشق الإعلام والكتابة والفصل بينهما كفصل الروح عن الجسد".