بعد فاصل دام ساعات بين النحر وتحضير قعدة العيد الكبير، تعود الحركة من جديد الى شوارع و أحياء وهران الباهية و تستعيد حيويتها بعدما حبست انفاسها صبيحة العيد.
لم تنس العائلات واجبها ولم تغفل شرط صلة الرحم وتبادل التهاني ، رغم زخم التحضيرات ومشقة العيد المحصورة في قائمة طويلة من الترتيبات والاعمال المنزلية ،وبمجرد انتهاء ربات البيوت من اعداد الوجبات التقليدية من الشواء والكسكس وتقطيع بوزلوف والتنظيف ،تدخل هذه الأخيرة محطة ثانية و رئيسية لا تقل مرتبة عن الاولى لاستكمال نكهة العيد.
جرت العادة ان تتبادل العائلات التهاني والتغافر في كل مناسبة مماثلة وتسارع في تأدية واجبها الديني والعرفي بشكل متسلسل من المهام العائلية لا تهمل فيه اي جانب من الجوانب الموسومة والموثقة في سجل طقوسها منذ عقود طويلة وعبر مراحل تاريخية عدة .
وهو ما رسمت معالمه بعد صلاة العصر احياء شوارع المدينة بأشكال مختلفة من مظاهر الفرحة والبهجة ،وكأنها تعلم الجميع انها تحيي مناسبة عزيزة على الأمة الاسلامية جمعاء حيث تشكلت جماعات من الأطفال والشباب بكل زاوية ، وراح و بكل عزم أخرون ينظمون زيارات الى ذويهم تجسيدا لضوابط اجتماعية معروفة ومتداولة ،وبادرت ربات البيوت في التحضير لاستقبال ضيوفها واحتضان جلسات خاصة بين اطباق الملفوف والشاي وحلوى الطابع والمقرود مثلما هو مسجل في تقاليد واعراف المجتمع الجزائري .
بعد العصر ،و بعد قيلولة سريعة لبست المدينة ثوب التغافر وصلة الرحم بزي جزائري محض مزين بألوان البراعم ومنكه بعطر الأسر التي لم تقيدها اعباء هذا اليوم و لم ينقص التعب والارهاق من عزيمتها نحو حزم معنوياتها الى وجهة لا تتكرر كثيرا .
وباصرار الجميع استعادت الطرقات انفاسها وركنت الشلل والخمول جانبا بحلول موعد الزيارات العائلية و رفعت عداد سرعتها حتى لا تتأخر كثيرا بعدما سخرت الفترة الصباحية للاعمال السابقة .
ولضمان حسن الاستقبال لا تتأخر العائلات المستضيفة عن الترحيب بزوارها بعادات لم تغب ولا مرة عن مائدة الضيوف وهذه المرة بحرارة المجمر و الفحم والقعدة الزينة المشكلة من ألوان الموسم .
