عزيزة كيرور
ساهمت أشغال تهيئة وتنظيف المساحات المحيطة بالأقواس الرومانية بقسنطينة، وكذا تزويدها بالإنارة والأضواء، في استعاده هذا المعلم لبريقه ومكانته التاريخية، وما زاد في جمال حلته الجديدة وعزز في قيمته التراثية ، مشروع محول الطريق الذي تم إنجازه على بُعد أمتار منه، وتعتبر هذه الأقواس الرومانية واحدة من بين شواهد حضارة المدينة العريقة الضاربة جذورها في عمق التاريخ، ولا تزال إلى غاية اليوم صامدة بشكلها الأثري، لتؤكد على بصمة حقباتها الزمنية، وحضارة ممن مروا بهذه المدينة التي تحمل الكثير من الأسرار والخبايا، في معالمها وصُروحها الجميلة التي تحكي الكثير من القصص والروايات عن حضاراتها الغابرة، وقد كانت الأقواس الواقعة بجوار محطة المسافرين الشرقية بجانب فندق "ماريوت" واحدة منها، أين تكشف عن أهمية تاريخها لدى سكان قسنطينة ومثقفيها الذين أبدوا سابقا تخوفا كبيرا من تضررها بعد إنجاز محول الطريق على بُعد أمتار منها.
وتشكل الأقواس الرومانية التي يلمح الزائر جمال شكلها، عند المرور بالطريق المؤدي إلى حي "جنان الزيتون"، وكذا من خلال إطلالها على فندق "ماريوت" معلما هيدروليكيا رومانيا عتيقا أو جسرا مائيا كان مسؤولا عن توصيل المياه إلى سكان المدينة، حيث كان الماء المتدفق من هذه الأقواس يمر من منبع "بومرزوق" و"فسقية" إلى غاية الخزانات والصهاريج الموجودة في الكدية أعالي المدينة، يبلغ طولها 60 مترا وارتفاعها 20 مترا، علما أن هذه الأقواس المبنية من الحجارة كانت سابقا على 3 مستويات عُلوا، ولم يتبق منها سوى 5، فكانت وظيفة المعلم الذي شيده الرومان منذ أكثر من 1800 سنة، وتم إهداؤه حسب ما تم نقشه على حجره إلى الحاكم " كاراكالا" نقل الماء ، حيث يتزود من منبعين، الأول منبع "بومرزوق" القادم من أولاد قاسم بعين مليلة، و الثاني من "أولاد رحمون"، ليزود مدينة سيرتا بالمياه عن طريق الأنابيب فوق الجسر، وكل ذلك دون استعمال مضخات ،رغم أن الماء يتم تحويله من منطقة منخفضة إلى أخرى مرتفعة،وهذا لمعرفتهم بما يعرف بنظام السيفونات.