هذا الاسم الذي يغوص في الروح.. في تفاصيل أعشقها ..عبر تلك الذات التي عايشت نكوصا وخيبات وظلما من بني البشر، ذات تعيش قرف الأيام بشكل لا يمكن أن يتصوره عقل بشر ..نعم كنت أعاني.محطات عايشتها في واقع لم يسمح لي أن ألملم شتاتي وأعيش بهدوء لغتي الداخلية ..نكست وخيبات تلتصق بك كي تعيش اللاجدوى.قلت ضروري أن أمنح ذاتي إجازة قهرية عبر داخلي كان يواكبني زمنها منطوقا من تفاصيل لا تبعث على الراحة والسكينة ..
نعم كنت مضغوطا نهاية ثمانينيات القرن الماضي، لقد حرموني من السكن، حذفوني عن قصد من قائمة السكن الاجتماعي بدون سبب، عشت خيبات النفس المكلومة والمشتتة بين ظلم مقنن وأمل داخلي يمنحني نشوة المقاومة .. لم أكن أعرفه ولم ألتقيه ولم أسمع به يوما، لم يكن لي معلومة عن كبير في الإبداع وما كان يهندسه في ولاية بسكرة،كان يصنع العجب ،كذلك كانت الصدف وحدها وقدر الله من جمعني بتفاصيله و هالته واسمه الإبداعي ونضالاته الثقافية ،كنت زمنها في مدينة العلمة في الأيام الأدبية لمدينة العلمة عام 1998، بعد دعوة وُجهت لي من جمعية "بلا حدود " كان من ضمن الأعضاء فيها زميلا صحفيا اسمه "علاوة شواطي"، اشتغلنا معا في مجلة "الوحدة"، وكان يحبني حبا شديدا، وجه لي دعوة كي أعايش محطات لي في مدينة العلمة التي كنت ولا زلت متيما بها تصنع دائما الإضافات ، كنت أقيم صدفة في غرفة مشتركة في فندق"براو" مع الممثل الراحل أحمد بن بوزيد المدعو الشيخ عطاء الله والذي شد إليه جمهور العلمة، حيث كانت بدايات انطلاقته الفنية هناك ،كان عقلي مشتتا مضطربا، أعيش مأساتي مع سكني الاجتماعي الذي ضاع مني ظلما، لا يهم ..التقيت هناك الشاعر والإعلامي جمال نصر الله في غرفته، وجدته يمسك جريدة، يقرأ خبرا ثقافيا ،ويضع خطوطا حمراء تحت عنوان لم أفهم شيفرته ، قلت له بدون مقدمات:" ما هذا؟"، ..قال لي إنهم يعلنون عن تاريخ افتتاح أيام الاتحاف الأدبية في بسكرة ،تساءلت قائلا : هل سبق لك المشاركة في هذا الملتقى يا سي جمال ؟،..قال لي نعم وسأشارك كذلك هذه المرة ، لم أصبر ،قلت في داخلي، سأزور بسكرة بإذن الله.قررت نعم ..قلت : هناك في ساحة مدينة الزيبان،سأنسى همومي لامحالة، بسكرة كانت الولاية الأولى التي كتبت فيها أولى تحقيقاتي الصحفية في مجلة "الوحدة"، اتصلت دون تفكير أو ترتيب للأمور بالفنان الجميل فؤاد ومان،.إلتقيته في كافتيريا فندق "براو"، قلت له :" سي فؤاد، أريد المشاركة والذهاب لبسكرة، أريد المشاركة في ملتقى الإتحاف الأدبي ببسكرة، قال لي : " آآآه.. تشارك مع الكاتب زين الدين بومرزوق؟، قلت له : نعم وأنا أصلا لا أعرفه من قبل ولم ألتقيه ، رآني أفكر،قال لي : بعدين ستعرفه وسترتاح له، خذ هذا هاتفه، وسأكلمه في الأمر شخصيا لأجلك ، كانت أجمل لقطة يقوم بها إنسان جميل اتجاهي، منحني فرصة كي أصرخ وأعبر عن كوامن الذات المضطربة ،كنت أعيش نكوصا داخليا لا يمكن تصوره ،كنت أرى أن كل الناس ضدي، إتصلت ببسكرة ، قال لي الكاتب زين الدين بومرزوق: "مرحبا بك من تكون أخي ؟، قلت له : أقدم نفسي.. أنا الإعلامي المهدي ضربان .. اشتغلت في الثمانينات في مجلة "الوحدة"، وإنتقلت بداية التسعينات إلى الملحق الثقافي "الشروق الثقافي"، قال لي: مرحبا بك معي،..لقد كلمني الفنان فؤاد ومان عنك، مرحبا بك معنا وعندنا في بسكرة ، عندما وصلت إلى بسكرة وفي دار المعلم أين كنت أقيم، نسيت كل همومي وإنتكاساتي وهواجسي وإضطراباتي، والدليل أن ما قام به إتجاهي الكاتب الكبير زين الدين بومرزوق،كان رؤية وفرصة ولقطة إيجابية منحتني الشجاعة في تثوير الذات والغوص مجددا في اللغة الواعدة والتعبيرية البعيد عن نكد وظلم من كانوا زمنها يؤشرون لي السقوط النهائي.
في دار الثقافة وفي قاعة " محمد رضا حوحو " كان لي أن أعايش تفاصيلا هندسها القاص والكاتب زين الدين بومرزوق الذي كان فعلا رجلا إستراتيجيا فاعلا كونه وفق بشكل أسطوري بين التنظيم وبين سير الملتقى في ظروف زكت منهجه الواعي في تثبيت معالم تفاصيل ملتقى .، كان فعلا يعايش محطات من راهن الإبداع في الجزائر عبر مشاركة أسماء صنعت جديدا في المناحي النقدية وكذا الأكاديمية بالنسبة للدارسين والمولعين زمنها بتلك الفرص التي يتيحها لك المشهد الثقافي النوعي.. يرصد مسلكا جادا في تثوير مناهج ومقاربات تؤكد البحث الجاد في منح الساحة الثقافية رؤية تلازم كل تفكير مستنير لتأكيد أهمية الفعل ثقافي الجاد والمتميز ،كذلك كانت فعاليات الإتحاف الأدبي، ومجهودات الكاتب زين الدين بومرزوق تنير الطريق أمام تلك الجموع الكبيرة من المشاركين الذين عايشوا الحدث في بسكرة من خلال تثوير برنامج هادف، عرف زين الدين بومرزوق لوحده كيف يسوقه ويبني تلك المناهج الأكاديمية الضامنة لرؤية تلامس فكرا أساسه بعث الحركة الأدبية والنقدية في سياقات كلها محاولات لجعل الإتحاف الأدبي فرصة للدارسين كي يعيشوا لغة البعث الإبداعي الممزوج بمناهج مدارس نقدية مختلفة ..
لقد كان لتواجد زين الدين بومرزوق في فعاليات ملتقى "الإتحاف الأدبي" أن زين المشهد في فضاء مدينة الزيبان التي تحولت بصورة عجيبة إلى كيان آخر ينشد البحث والإبداع، ممزوجا بفواصل من حراك، يستضيف القصة القصيرة وينحى الى اتجاه آخر، ممزوجا بالبحث وكذا الغوص في لغة نقدية جريئة عايشناها عبر تواجد أسماء أتذكرهم جيدا الدكتور السعيد بوطاجين، والأستاذ محمد ساري وأسماء أخرى تخونني الذاكرة استحضارهم اللحظة ،لكن هدف "الإتحاف الأدبي" تجسد في كونه عشنا معنى جديدا وتحول اختصاص بسكرة من الشعر إلى البحث والدراسات والولوج إلى مناهج أخرى أكاديمية يزكيها منهج الكاتب زين الدين بومرزوق الذي شاءت الصدف أن يكون أحد الأسماء المستقبلية في عالم الإدارة والتنظيم، حينما تم تعيينه في منصب رئيس دائرة في دوائر مختلفة، وبقي يسلك ذلك الاتجاه الذي تربى أول مرة في بيته، إبداعا قصصيا الكل يشهد له بتميزه وحنكته في أن يستطيع التوفيق بين العمل الإداري والإبداع.
كذلك عايشت تفاصيل راقية من كاتب جميل كنت على صلة به وبتفاصيل رائعة كانت تشدني من خلال صفحته الفايسبوكية التي أصبحت تشكل واجهة ثقافية مميزة تحيلنا على محطات و ومضات، وإضافات كاتب كبير أهم ما قاله لي عبر تواصلي الدائم معه، أنه يريد أن يعيد الحياة من جديد للملتقى الذي هندسه " الإتحاف الأدبي، " هو يفكر في عودته وفي أن يرتسم مشهد هذا الملتقى الذي ربما سيقوم بإعادة الروح له مجددا، وقد تكون وجهته ولاية بومرداس التي يقيم فيها، وهي رؤية راقية عبر تفكير مميز من لحظة شكل عندي "الإتحاف الأدبي" مساحة للأمل حينما أخرجني من سكوني وتلك المحطات التي لا أتمنى أن تتكرر في زمن ننشد كلنا هذا الأمل للتصالح مع كل تلك المحطات التي تعيد إلينا الروح عبر وهج الثقافة والإبداع والنشاطات الهادفة .