تناولت في حلقة من حلقات " هؤلاء هم في القلب" حياة وتفاصيل وتراجم الروائي الراحل خليفة بن عمارة ، كتبت ذلك وفي داخلي رؤية كيف لكاتب بحجم كبير عندنا لم نكن نعرف عنه شيئا إلا ما رصده وترجمه الكاتب والمترجم المعروف "بوداود عمير "، الذي وجدته الوحيد في الجزائر الذي ترجم أعمال وإضافات وكتابات هذا الراحل الذي يكتب عادة بالفرنسية، فوجد في تواجد الكاتب بوداود عمير القريب من جغرافيته، الوحيد الذي استطاع أن يستخرج لنا اسما كبيرا في الساحة الفكرية والأدبية، كلاهما من منطقة عين الصفراء بالجنوب الغربي، وأمكن لترجمات الكاتب بوداود عمير أن يصدره لنا ونعيش فعلا محطات هذا الكاتب المغيب في الساحة الأدبية الجزائرية .
وبعد كتابتي لمقالي دعتنا الصحفية المتخصصة بالإذاعة الجزائرية السيد قصور أسمهان إلى حصة أعدتها باقتدار عبر القناة الأولى، من خلال البرنامج الثقافي "لقاء واستقراء"، حصّة خاصة حول الكاتب والمؤرخ خليفة بن عمارة رحمه الله ، شاركتُ فيها إلى جانب الشاعرة "حورية بن عمارة" ابنة المرحوم، وكذلك الكاتب والمترجم الكبير بوداود عمير الذي كان بلا منازع مكتشف هذه الشخصية المغيبة رحمها الله من منطلق ترجمة كل أعماله من الفرنسية إلى العربية ، ومنذ مشاركتي في الحصة صرتُ أعرف جيدا ما معنى أن يكون للترجمة ذلك الدور الذي يمنحك رؤية أن تعيش إنتاجات الكبار وتلامس جيدا تفاصيلا لكتاب ومفكرين، يكون لدور الترجمة العمل الرئيسي في تصدير كل جديد، يتعلق بكبار الأدب والإبداع سواء في الجزائر أو خارجها، كذلك كان ولا يزال الكاتب المترجم بوداود عمير أحد الأسماء التي صنعت لنا مجدا وإضافات تحيلنا على إنتاج ومحطات كتاب وأسماء نعايش عبر ترجمات محكمة هذا الزخم الذي تهندسه ترجمات خالدة تنير لنا الطريق في معرفة جديد من لا يكتبون بالعربية...
الكل يشيد بدور الكاتب والمترجم بوداود عمير الذي لم أكن لأعرفه عن قرب لولا اكتشافي له من خلال آثاره في الكاتب الراحل خليفة بن عمارة. وقد قال الأستاذ قادر بوشريف في الكاتب بوداود عمير: أتمنى من كل قلبي أن لا يتم التفريط في هذا الكاتب والمترجم عمير بوداود ، ما يقدم من كتابات وترجمات عبر منشوراته في هذا الفضاء يعد " غنيمة "، تستحق منا جميعا أن نرفع له قبعة الاحترام والتقدير، أظن أن أمثال بوداود " قليلون جدا، نادرون ، يكتب بكثافة وطلاقة بجدية الفيلسوف ودقة العالم، وجمالية المبدع، يكتب بلغة فخمة، بسيطة ومعبرة، يستعرض كل البهاءات، يرسم وجوها. يتحدث عن كتابات وعن جديد المجلات الأدبية والفنية الجزائرية والعربية و الأوروبية، قلم ينبض بالحب، كل التحيات لك أستاذنا".
يقول وليد خالدي " بوداود عمير كاتب جزائري وقاص ومترجم وباحث في الأدب الكولونيالي، له العديد من الإسهامات النقدية والكتابات الإبداعية التي أثرت المشهد الثقافي، حيث اتسمت بالعمق الفكري والمعرفي شكلا ومضمونا فضلا عن ذلك، أنه صاحب أخلاق فاضلة وروح شفافة لا ترى منه إلا ما هو جميل ورائع...وفقه الله لما يحبه ويرضاه"، أما نجم الدين سيدي عثمان فيقول :" الكاتب المترجم بوداود عمير من مواليد مدينة العين الصفراء ولاية النعامة، قاصّ ومترجم، وكاتب مقالات في العديد من الصّحف والمجلات الجزائرية والعربية، صدرت له مجموعة قصصيّة بعنوان "صمت البحر"، كما ترجم مجموعة من الكتب إلى اللغة العربية،من بينها المجموعة القصصية "ياسمينة وقصص أخرى" لإيزابيل إيبرهارت، صدرت عن كتاب مجلة الدوحة القطرية سنة 2015، كما ترجم المجموعة الشعرية لصافية كتو تحت عنوان " صديقتي القيثارة"، إلى جانب ترجمته لمجموعة من الكتب التاريخية تتناول منطقة الجنوب الغربي الجزائري. رجل مثقف ومحترم، لا يخوض في الوحل، متنور نظيف ولامع، يستحق مكانة أرفع، منشوراته الأدبية التي تتمحور حول عالم الكتاب والأدب والترجمة رائعة، من لا يعرفه من القراء والكتاب فقط خسره، تحياتي الحارة لعميّر، هذه الفقرة تكريم بسيط لجهوده، لو كان بوسعي أكثر لفعلت"، أما الكاتب محمد بن زين فيقول " الكاتب القاص والباحث و المترجم بوداود عمير من أنشط المهندسين لجسور التواصل، يستمر في التعريف بالمنجز الأدبي وينقل للعربية ما يبدع بالفرنسية، ترجم نصوصا كثيرة، منها نصوص لإيزابيل هيربارت وصفية كتو وخليفة بن عمارة. عمير يواصل ببصمته مسار إسماعيل العربي وحنفي بن عيسى و أبو العيد دودو ومرزاق بقطاش وجيلالي خلاص ومحمد ساري وعبد الله حمادي وعبد العزيز بوباكير، أي من بذلوا الجهد من أجل تفعيل الحوارية ـ بتعبير باختين وكريستيفا ـ بين الثقافات واللغات، خصوصا من أجل تجاوز الإنشطار بين المعربين والمفرنسين. عمير يتدفق سخاء معرفيا وأدبيا، يشارك أصدقاء صفحته الفايسبوكية ما يقرأه وما يرصده من مستجدات الساحة الأدبية، عمير شخصية استثنائية في المشهد، يرابط في منطقته البعيدة عن المركز لكنها المشحونة بكل ما يلهم ويخصب، يرابط و يشرق كل يوم بمدد السخاء المعرفي".
يقول كمال قرور مدير دار الوطن" الأستاذ بوداود عمير كاتب ومترجم، بالإضافة لما يقدمه من كتابات وترجمات، يبذل مجهودا طيبا،يشكر عليه في تقديم الكتب الجزائرية والعربية والأجنبية، ولا يستثني في تقديمه المجلات المتخصصة،التي تحتفي بالأدب والفكر والمعرفة، لذلك تعد صفحة الأستاذ الغنية بثمار المطابع نافذة على الوعي الحقيقي، ويستحق وسام القراءة الرمزي.
قال الكاتب بوداود عمير في حوار أجرته معه الإعلامية أحلام بن علال من صحيفة "الجزائر" بتاريخ 28 مارس 2018 : " مارست الفعل الأدبي، متأخرا قليلا، كرستُ معظم وقتي في مطالعة الكتب، وتعلّم اللغات؛ هكذا كنت أقرأ باللغتين العربية والفرنسية، أقرأ كل ما تقع عليه يداي من الكتب، وفي جميع المجالات خاصة القصص والروايات؛ في فترة الثمانينيات، كان الكتاب وسيلتنا الوحيدة لملء الفراغ، وللتثقيف والمتعة كذلك؛ كان رفيق دربنا نحو الحلم، في غياب أشياء الترفيه كما هو عليه الحال اليوم. ركزت في اختياراتي للترجمة، في البدء، على كتب التاريخ، وبالتحديد تاريخ منطقتي (الجنوب الغربي الجزائري)؛ لاسيما بعد أن تعرفت على صديقي الباحث والمؤرخ خليفة بن عمارة، الذي يكتب بالفرنسية أشياء مهمة عن تاريخ المنطقة، بعد تمكنه من وثائق تاريخية ثمينة، وهو بدوره كان حريصا على ترجمتها للعربية، حتى تصل إلى أكبر عدد ممكن من القراء، خاصة فئة الشباب، الذين يقرأون في معظمهم باللغة العربية. هكذا ترجمت 4 كتب تاريخية، أفادت كثيرا أبناء المنطقة في التعرف عن قرب على تاريخهم، منذ العصور التاريخية الأولى، إلى غاية ثورة التحرير المباركة، أتمنى أن تولي عملية الترجمة الأهمية التي تستحقها، أشعر أننا مقصرون جدا في هذا الجانب، بالقياس فقط لبعض الدول العربية هناك العديد من الأعمال المهمة في التاريخ والثقافة والأدب، غير مترجمة، سواء تلك التي كتبها أدباء جزائريون، أو أدباء من بلدان أخرى في العالم؛ كتابات لها علاقة بالجزائر من قريب أو بعيد من جانب آخر، أتمنى أن تستورد الجزائر المجلات العربية التي تعنى بالثقافة والأدب، تكاد تكون الجزائر البلد العربي الوحيد الذي لا يستورد المجلات العربية، وهي مجلات تعنى بالثقافة والأدب، منجزة بشكل احترافي، وتباع بأسعار زهيدة، كما أنها تتضمن كتبا مجانية؛ من شأن توفرها في الأكشاك أن تساهم لا شك في انتشار المقروئية، كما أتمنى أن تخصص وسائل الإعلام عندنا بجميع أنواعها، حيزا من منابرها للثقافة، أن تساهم في تعميم الوعي بالثقافة كفكر وسلوك وممارسة صناعة المواطنة والوعي تبدأ من هنا"..
