يحيي العالم, الجمعة المقبل, اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني كمناسبة لتجديد دعمه لحق هذا الشعب في انهاء الاحتلال و اقامة دولته المستقلة, وذلك في سياق يتسم بتواصل العدوان الصهيوني
غير المسبوق على قطاع غزة والضفة الغربية بهدف تصفية القضية الفلسطينية التي تواصل, و بدعم ثابت من الجزائر, تحقيق انتصارات دبلوماسية وكسب مزيد من الدعم والتعاطف على الصعيد الشعبي عبر العالم.
ففي سنة 1977 , اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر من كل عام ليكون يوما للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني, بغية رفع الوعي الدولي وتعبئة العمل العالمي من أجل تحقيق حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية وفقا لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وتم اختيار هذا اليوم لتزامنه مع ذكرى اعلان نفس الجمعية العامة الاممية, قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947, متجاهلة حق الفلسطينيين في تقرير المصير, وهو القرار الذي مهد الطريق للطرد الجماعي للفلسطينيين من أرضهم التاريخية, ومكن الكيان الصهيوني من احتلال تلك الارض الى اليوم.
ويعد احياء اليوم العالمي التضامني مناسبة لتذكير المجتمع الدولي و لفت انتباهه مرة أخرى بأن القضية الفلسطينية لم تجد بعد طريقها للحل ولاتزال تراوح مكانها, على الرغم من صدور عديد القرارات الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعلى ضرورة انهاء الكيان
الصهيوني لاحتلاله "غير القانوني" و" الانسحاب" من الاراضي الفلسطينية.
ويحل "يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني" هذا العام في وقت يتعرض فيه المدنيون في قطاع غزة منذ السابع أكتوبر 2023 , لحرب ابادة جماعية واستهداف صهيوني ممنهج و متعمد من خلال سياسة التهجير القسري والتطهير العرقي و القتل والتجويع والحرمان من المساعدات واستهداف المستشفيات, في مخطط يهدف الى القضاء على الوجود الفلسطيني وعلى الغزاويين الذين استشهد منهم, حتى الان و منذ بدء حرب الابادة ما يقارب ال 45 ألف شخصا أغلبهم من النساء و الاطفال و الشيوخ,
فضلا عن عشرات الالاف من الجرحى و تدمير شبه كلي للبنية التحتية لغزة.
كما يتعرض أهالي الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس لعدوان شرس ولا يقل خطورة عما يحدث في قطاع غزة, من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين على حد سواء بهدف كبح جماح المقاومة و فرض الاحتلال كأمر واقع-
مشهد تضامني غير مسبوق مع القضية الفلسطينية منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة --
واذا كانت مجازر الكيان الصهيوني الفظيعة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة و الضفة الغربية قد صدمت العالم نظرا لانتهاكها لقواعد القانون الدولي الانساني الذي ينص على حماية المدنيين في وقت الحرب, فإنها خلفت بالمقابل موجه تعاطف و دعم و تضامن دولي غير مسبوق للقضية الفلسطينية, خاصة في ظل الصمود الذي أبداهالفلسطينيون ومقاومتهم لعمليات التهجير القسري و ثباتهم على أرضهم التاريخية
رغم شراسة العدوان.
وفي اطار مظاهر التضامن, حققت القضية الفلسطينية منذ بدء حرب الابادة الصهيونية انتصارات دبلوماسية ملموسة تجسدت بشكل خاص في اعلان عديد من الدول على غرار اسبانيا و ايرلندا والنرويج وسلوفينيا, اعترافها رسميا بالدولة الفلسطينية ليرتفع بذلك عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين الى147 دولة.
كما تعزز الدعم و التضامن الدوليين مع الشعب الفلسطيني و قضيته بإصدار المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر الجاري, مذكرتي اعتقال بحق من يسمى "رئيس الوزراء" لدى الكيان الصهيوني, المدعو بنيامين نتنياهو, و"وزير" دفاعه السابق, المدعو يواف غالانت, بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وهو الاجراء الذي لقي ترحيبا دوليا واسعا كونه "يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي و
مؤسساته وفي أهمية ملاحقة مجرمي الحرب" الصهاينة.
وقد رحبت الجزائر "أيما ترحيب" بهذا الإجراء, الذي ما فتئت تطالب به على لسان رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, الذي قال في كلمة له بمناسبة إشرافه على مراسم افتتاح السنة القضائية 2024 / 2025 مؤخرا, أن "نداء الجزائر سمع اليوم من قبل النزهاء في العالم لمحاسبة قتلة الشعب الفلسطيني".
ودعت الجزائر الى "اتخاذ التدابير المطلوبة والضرورية بغرض تنفيذ مذكرتي الاعتقال وتمكين العدالة الدولية من أخذ مجراها انصافا للشعب الفلسطيني".
ويأتي موقف الجزائر هذا عملا بالمبادئ الثابتة لسياستها الخارجية القائمة على دعم قضايا التحرر و الدفاع عن حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها.
وانطلاقا من هذه المبادئ وعملا ب "التعليمات الصارمة" التي أصدرها رئيس الجمهورية بأن "تجعل الجزائر من نصرة القضية الفلسطينية ومن التصدي للجرائم الصهيونية في المنطقة شغلها الشاغل و أولوية أولوياتها, منذ مباشرة عهدتها بمجلس الأمن الدولي" مطلع العام الجاري, انفردت الجزائر بتقديم عديد من مشاريع القرارات لهذا الجهاز الاممي الهام, سعيا لتحقيق وقفا لإطلاق النار في غزة.
وفعلا, يحسب للجزائر نجاحها, على رأس كتلة الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن, في مارس الماضي, في استصدار القرار رقم 2728 الذي يطالب "بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان, مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى سكانه وإطلاق سراح الرهائن و المحتجزين" و ذلك للمرة الأولى منذ بدء حرب الإبادة الصهيونية على غزة, وعقب 4 محاولات سابقة مماثلة أحبطت بفيتو أميركي.
وعلى الرغم من تنصل الكيان الصهيوني من تطبيق القرار, تواصل الجزائر المطالبة
"بعقد الاجتماع تلو الاجتماع واتخاذ المبادرة تلو المبادرة من أجل اضطلاع مجلس الأمن والجمعية العامة بالمسؤولية الملقاة على عاتقهما تجاه الشعب الفلسطيني", مثلما أكده السيد أحمد عطاف, وزير الدولة, ووزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية.كما تواصل الجزائر المطالبة بتمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
الى ذاك, خلقت فظاعة الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023 , موجة تضامن و تأييد شعبي منقطع النظير حيث خرجت آلاف الجماهير المناصرة للقضية الفلسطينية ولنضال شعبها من أجل التحرر في مظاهرات حاشدة ومسيرات مليونية عبر مختلف مدن وعواصم العالم للمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار و ادخال المساعدات الانسانية الى أهالي القطاع المحاصر. كما دعا المتظاهرون الى وقف اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الاوروبي و الكيان الصهيوني ووقف بيع الاسلحة له لإجباره على وقف المجازر في غزة.