تتميز النسخة التاسعة عشر من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي تتواصل بوهران، عن سابقاتها بحماسة شعبية غير مسبوقة، مما يساهم بشكل كبير في نجاح مسار إعادة إحياء هذه التظاهرة مثلما تطمح إليه اللجنة الدولية للألعاب.
وامتلأت أغلبية المرافق الرياضية التي استضافت فعاليات اليومين الأولين من الحدث عن آخرها أو تقريبًا. وحتى الرياضات الأقل شعبية في الجزائر، مثل كرة الريشة، تجري أمام مدرجات مكتظة.
ولا تتذكر ساكنة بلدية وادي تليلات، التي تستضيف منافسات هذا التخصص، أن عرفت قاعتهم الرياضية مثل ذلك الإقبال الكبير للمتفرجين خلال نهائي الزوجي/رجال الذي فازت به الجزائر على إسبانيا، حيث كانت مساهمة الجمهور المحلي كبيرة في تتويج الثنائي مدال-معمري بالميدالية الذهبية التاريخية لكرة الريشة الجزائرية.
نفس الأجواء سادت في مركز المؤتمرات "محمد بن أحمد" طوال مدة دورة الكاراتيه، التي عرفت هي الأخرى حضورا قويا وحاسما للجمهور الذي كان له دور كبير في الحصاد التاريخي للرياضيين الجزائريين الذين فازوا بأربع ميداليات ذهبية واثنتين فضيتين، وهو الإنجاز الذي لم يتحقق من قبل من طرف أي منتخب في تاريخ الألعاب المتوسطية.
وأبرز المتوجون الجزائريون في تصريحاتهم بعد انتهاء المنازلات المساهمة الثمينة للجمهور في تألقهم والعودة بقوة حتى في الأوقات الصعبة من المنافسة بفضل الدعم الكبير للأنصار، على حد قولهم.
وعبر لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 18 سنة عن نفس الانطباع معترفين بأن الحضور القوي للجمهور خلال أول خرجة لهم في هذه الألعاب بملعب سيق الجديد مثل بالنسبة لهم ''مفاجأة سارة جدا''.
وبينما كان ميزان القوى يميل بشكل واضح لصالح منتخب إسبانيا، أصحاب اللقب، تمكن شبان ''الخضر'' من تحقيق فوز تاريخي أمام خصم يضم لاعبين من أفضل مراكز التدريب البطولة الإسبانية، إنجاز أرجعه اللاعبون أنفسهم إلى تشجيعات آلاف المتفرجين الذين ''غزوا'' مدرجات ''التحفة'' الجديدة التي تدعمت بها الحظيرة الرياضية بولاية معسكر.
--جمهور من ذهب--
وسادت أجواء مشابهة القاعة متعددة الرياضات لأرزيو التي بدت سهرة الاثنين غير قادرة على استيعاب الآلاف من المشجعين الذين جاؤوا لمتابعة أول مباراة لمنتخب كرة اليد للرجال ضد تركيا، وانتهت بتفوق الجزائريين وسط فرحة عارمة ميزت الحضور واللاعبين في جو ذكر هواة الكرة الصغيرة بسنوات تألق ''الخضر''.
وحتى عندما كانت نتائج الممثلين الجزائريين في هذا الحدث لا ترقى إلى مستوى التطلعات والآمال، كما كان الحال عليه بالنسبة للمنتخبين الوطنيين للكرة الطائرة (رجال وسيدات) خلال جولاتهم الأولى في منافستيهما، فإن الجمهور الجزائري المكون من كل الفئات العمرية وعائلات بأكملها أيضا، كان حاضرًا بقوة لتشجيع لاعبيه ولاعباته والتصفيق عليهم بعد الخسارة.
وتسود نفس الأجواء المواقع المختلفة للمسابقات المختارة لهذه النسخة التاسعة عشرة من الألعاب المتوسطية، ما زاد في بهاء هذا الموعد الرياضي وهو ما يسعد من الآن منظمي التظاهرة الرياضية المتوسطية الذين يراهنون كثيرا على موعد وهران لإعادة الاعتبار لهذا الحدث الذي فقد كثيرا من قيمته في السنوات الفارطة.
وكان النائب الثاني لرئيس اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، برنارد أمسالم، أول من أبدى سعادته بالظروف الجيدة التي انطلق فيها العرس الرياضي، مبرزا، في تصريح لوأج، الإمكانيات الكبيرة التي سخرتها الدولة الجزائرية للسماح بتنظيم دورة وهران في مرافق جديدة تمامًا بما في ذلك تلك التي أعيدت تهيئتها، وهو عامل مهم للغاية ساهم في جلب الجماهير بقوة إلى أماكن المنافسات.
كما يتوقع المراقبون أن يتضاعف الإقبال الجماهيري على المرافق الرياضية مع مرور الأيام، دون استبعاد إمكانية رؤية الحضور المسجل خلال نسخة وهران يحطم جميع الأرقام القياسية في هذا المجال، لا سيما في ظل المردود الإيجابي الذي يقدمه الرياضيون الجزائريون في أغلب الاختصاصات.
ويترقب المسؤولون على مستوى اللجنة الدولية للألعاب بشغف كبير أن يتزايد حماس الجمهور الجزائري للتظاهرة لأن ذلك سيكون مؤشرا قويا لاسترجاع هذا الحدث لمجده الضائع.