يواصل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تأكيد التزاماته 54 التي قطعها أمام الشعب الجزائري خلال حملته الانتخابية، ويأتي في مقدمتها تحسين المناخ الاقتصادي بفتح المجال أمام المستثمرين من أجل إنعاش الاقتصاد الجزائري، وهذا بهدف التخلي عن الاقتصاد الريعي الذي طالما قض مضجع الجزائر وهوى بها إلى أسفل الدركات، وكان واحدا من الأسباب غير المباشرة للعشرية السوداء التي مرت بها بلادنا سنوات التسعينات، وسببا مباشرا لفقدان العديد من أرباب العائلات لمناصب شغلهم بسبب تراجع سعر برميل النفط حينها إلى أدنى مستوياته، والتحول إلى اقتصاد الكفاءة الذي أصبحت تعتمد عليه الدول المتقدمة، خاصة وأن بلادنا تتوفر على كل المقوّمات البشرية والإقتصادية التي تسمح لها بذلك.
وفي هذا السياق تنوي الجزائر التركيز على فئة الشباب كما أكد على ذلك الوزير الأول السيد أيمن بن عبد الرحمان خلال إشرافه على افتتاح الطبعة الثانية للمؤتمر الوطني للمؤسسات الناشئة، عل اعتبارهم سواعد الأمة ومستقبلها الذي تعتمد عليه، وهذا من خلال تعبئتهم وتجنيدهم ليكونوا في الصفوف الأمامية، في بلد لديه خزان من الطاقات الشبابية المتسمة بالعبقرية والإبتكار، وكثيرا ما تم إستغلالها خارج الوطن في عدة مجالات، وبلادهم أولى بهم لوعي الجزائر بأنّ عملية النجاح الرقمي الذي شرعت فيه الحكومة مرتبط "بمدى القدرة على تقليص الهوة الرقمية"، التي ستعتمد على "قدرة الشباب الجزائري لرفع التحدي" ، من خلال الثروة الهامة المكونة "من ملايين الشباب والجامعيين الذين يفوق عددهم مليون و 600 ألف طالب جامعي أغلبهم في اتصال مباشر مع التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.
وسيتم هذا التعامل بالتوازي مع إستقطاب الفاعلين الإقتصاديين وحتى الشركاء الإجتماعيين، الذين تنوي الجزائر إشراكهم في الأمر، بهدف إنجاح برامجها المسطرة والمرور إلى الاقتصاد الجديد، خاصة فيما يتعلق بجانب تطوير الإنتاج والتسويق، الذي أصبح يعتمد بشكل خاص على الرقمنة في أشكالها المتعددة، وعلى المنصات الرقمية بشكل خاص، والتي أثبتت نجاعتها خلال الفترة الوبائية والتباعد الجسدي وتوقف الملاحة، ودفع بالجزائر إلى التفكير في التحول الرقمي في الجانب الإداري، الذي يعتبر البوابة الأولى نحو هذا الاقتصاد.
وسيكون ذلك بالإعتماد على حزمة من الإجراءات التي كشف عنها الوزير الأول، يأتي في مقدمتها "مواصلة العمل على تحسين مناخ الأعمال"، حيث سيكون هذا بإتاحة الفرصة أمام كل الفاعلين الإقتصاديين الراغبين في إستثمار أموالهم، مما سيعود بالفائدة على الخزينة العمومية، وبالتالي على المواطن الذي يتطلع إلى تحسين معيشته وقدرته الشرائية أمام الغلاء الذي يطبق على معظم الأسواق، ومسّ العديد من المواد ذات الإستهلاك الواسع، في حين ستعمل الدولة الجزائرية على "تبسيط إجراءات الفعل الاستثماري"، وهذا الأمر حسب الوزير الأوّل لن يتأتى إلا "من خلال تسريع وتيرة الرقمنة الشاملة للمعاملات الإدارية" كأسلوب حديث له "علاقة مباشرة مع تحسين نوعية الخدمات العمومية المقدمة"، والتي تعزّزها خدمات التصديق والتوقيع الإلكتروني، الذي ستوفر الكثير من الوقت على المتعاملين فيما يتعلق بالتوقيع على الاتفاقيات والمعاملات عن بعد، وسيسمح أيضا من إكتشاف أي معاملات مريبة، فيما سيقطع الطريق أمام التهرب الجبائي، مما سيعود بالنفع على جميع الأطراف ويؤسس لإقتصاد ممنهج وبناء.
