نظم المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، يوم الخميس، ندوة حول "الدوافع الحقيقية للحملة الفرنسية على الجزائر سنة 1830" تم خلالها استعراض خلفيات هذه الحملة والتحولات المحلية والدولية التي ساهمت في احتلال فرنسا للجزائر.
و في هذا الشأن, استعرض الدكتور محمد قشور, عميد كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة الشلف, في مداخلة تحت عنوان "من تقرير إيف فاسنون بوتان 1808 الى الحملة العسكرية الفرنسية على مدينة الجزائر : قراءة في الخلفيات", الاوضاع الداخلية الصعبة التي كانت تعيشها فرنسا بفعل "الصراع الذي كان قائما بين أنصار الملكية الذين اعتمدوا العنف كوسيلة لممارسة السياسة وفئة الدستوريين".
و قال المتحدث أن الحملة العسكرية على الجزائر "لم تكن سوى ستارا لغزو استعماري", لافتا الى ان تقرير إيف فاسنون بوتان, جاسوس نابليون, الذي نفذ على اساسه إنزال سيدي فرج, يعد بمثابة "دليل على النية المبيتة لاحتلال الجزائر".
من جهته, تحدث الدكتور محمد دراج من جامعة الجزائر 2 عن التحولات الدولية التي ساهمت في الاحتلال الفرنسي للجزائر من بينها "بروز الجزائر كقوة مركزية رائدة في حوض البحر الأبيض المتوسط", مما جعلها --كما قال-- "تشكل خطرا على فرنسا التي عمدت الى كافة السبل لغزوها", مشيرا الى أن تحطيم الاسطول الجزائري الذي ساند الاسطول العثماني ضد القوات البحرية البريطانية والفرنسية والروسية في معركة نافارين "ساهم في ضعف القوات البحرية الجزائرية وعجزها عن حماية سواحلها".
كما عبر الاستاذ عن اعتقاده بأن الهجمة الفرنسية على الجزائر هي "استمرار للمعارك التاريخية بين المسيحية والاسلام باسم الحروب الصليبية", باعتبار أن الجزائر --مثلما أوضح- .
من جانب آخر, ولدى تدخلها في هذه الندوة المنظمة في سياق الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 60 لاسترجاع السيادة الوطنية, استعرضت الاستاذة صرهودة يوسفي من جامعة عنابة الأزمة بين الجزائر وفرنسا من خلال وثائق أرشيفية متواجدة بقسم المخطوطات بالمكتبة الوطنية بالحامة, والتي أخذت منها عينة للدراسة متمثلة في رسائل وتقارير.
و قالت الاستاذة بان "معظم هذه الوثائق عبارة عن مراسلات وصلت الى باشاوات الجزائر من الباب العالي ومن عدد من مدن الدولة العثمانية, وهي تغطي الفترة من 1748 الى 1830 وأغلبها يعود الى عهد حسين باشا, آخر دايات الجزائر, وتتحدث عن الازمة السياسية الجزائرية - الفرنسية آنذاك".
و حسب المحاضرة, فان الأزمة بين البلدين "تعود جذورها الى زمن الغزو الفرنسي لإيطاليا ومصر سنة 1798, حيث ساعدت الجزائر فرنسا بالأموال على شكل قروض لتتزايد بعدها ديون فرنسا جراء استيرادها للقمح الجزائري, ناهيك عن قضية تفتيش مركبتين فرنسيتين كانتا في طريقهما بحوض المتوسط وتم بيعهما بمدينة عنابة.
يشار الى أن المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة برمج على مدار عام من الاحتفالات المخلدة لستينية الاستقلال, 100 محاضرة على مستوى مقره بالجزائر العاصمة وعبر جامعات الوطن, بالتنسيق مع كليات ومخابر الدراسات التاريخية.