نظمت الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي سهرة يوم الجمعة بأوبرا بوعلام بسايح، بالجزائر العاصمة، حفلا فنيا تكريميا لروح الفنانة الراحلة زوليخة، أيقونة الأغنية الشاوية والبدوية الأصيلة التي استلهمت أغانيها من زخم التراث الفني الشاوي والبدوي الغني بجمالياته الإيقاعية والمشحون بنصوصه الشعرية.
وتم خلال هذا الحفل التكريمي الذي حضرته وزيرة الثقافة والفنون ، صورية مولوجي، رفقة وزير المجاهدين وذوي الحقوق ، العيد ربيقة ، وزير الرقمنة والاحصائيات ، حسين شرحبيل و أعضاء من السلك الديبلوماسي ، استحضار روائع الفنانة الراحلة زوليخة صاحبة الأغنية الشهيرة " صب الرشراش" وغيرها من الاغاني الشاوية والمواويل البدوية التي ماتزال عالقة في ذاكرة أجيال من الجزائريين وذلك عرفانا لإسهامها طيلة مسيرتها الفنية الثرية في الحفاظ على التراث الغنائي الجزائري الأصيل.
وتميز الحفل بأداء نخبة من الفنانين وهم نادية قرفي ، بريزة ، جوق الحضنة بقيادة الشيخ عبد الرشيد المرنيز، راضية منال، دنيا الجزائرية، دليلة أمال، لمجموعة من الأغاني مستوحاة من ريبرتوار فقيدة الأغنية الجزائرية زوليخة، مرفوقين بأوركسترا بقيادة الفنان كمال معطي، على غرار " ريم العشوة "،" يا اللي تحبونا"،" ودعنا لحباب قلبك حجر "،" الصياد "،"يا عيني نوحي ".
وفي كلمة لها بالمناسبة أشارت وزيرة الثقافة والفنون ، صورية مولوجي أن الراحلة زوليخة " مثلت بحق عمق التراث الجزائري وانتقلت في تجربة سريعة وثقيلة من الأغنية الشاوية العريقة إلى الأغنية البدوية فاستلهمت من عبقرية الجرموني وحدة بقار و واكبت عمالقة الفن الجزائري من خليفي أحمد و نورة و سلوى و درياسة واستطاعت أن تكون وردة حقيقية بينهم بصوتها وحضورها ولكن أيضا بالصدق الذي لامس قلوب جماهيرها ".
وأضافت السيدة مولوجي، أن الراحلة " زوليخة كانت وجها للحياة وصوتا للأحلام ، و شكلت بذلك نموذجا متفردا في الانسجام قل نظيره في عالم الفن"، مبرزة أنها " الشخصية الفنية التي كانت أيقونة في عز شبابها لتقدم أكثر من 100 أغنية وعديد الالبومات الفارقة التي لا يزال إيقاعها راسخا في الذاكرة ".
كما أكدت الوزيرة أن " إحياء ذكرى فنانينا وأعلام الثقافة واجب ليس نحوهم ونحو ما قدموه فقط ، إنما هو واجب نحو ذاكرتنا الثقافية وتميزها والاحتفاء بذكرى زوليخة ليس إلا جزءا من رد الجميل لواحدة من صانعي ايام الفن الجميل".
وتواصلت السهرة في جو مفعم بالمشاعر و الحنين لدى عاشقي الفنانة استمتع الجمهور الذي غصت به القاعة بأداء راقي في وصلة مشتركة لهؤلاء الفنانين الذين ابدعوا في اداء الأغنية المشهورة لها " صب الرشراش" التي ذاع صيتها وما تزال.
وتم خلال هذا الحفل الاستذكاري ايضا تقديم شريط وثائقي تناول نبذة من حياة الفنانة الراحلة زوليخة زهرة خنشلة وأبرز محطات مشوارها الفني كما استعرض الشاعر الشيخ عمر بوعزيز في شهادته الحية المسار و ذكريات الراحلة التي تعرف عليها سنة 1976 في حصة ألحان وشباب و تعكس إمكانياتها الصوتية العالية وجوانب من مسيرتها الفنية وأهم محطاتها ومكانتها بين جيل من الفنانين.
وقد ولدت الفنانة الراحلة زوليخة واسمها الحقيقي حسينة لوأج يوم 6 ديسمبر 1956 بولاية خنشلة التي إنطلقت منها إلى عالم الفن وهي لا تتجاوز سن 11 عاما حيث تألقت بصوتها القوي في أداء أغاني مستوحاة من التراث الفني الأوراسي والغناء الشاوي الأصيل على غرار روائع عمالقة هذا الطابع الفني الراحلين بقار حدة وعيسى الجرموني وعلي الخنشلي، لتقوم سنة 1968 بتسجيل أول أسطوانة لها تضم أغنيتي "السبيطار العالي" و"متبكيشي يا سليمة" في طبع "الآياي".
كما انتقلت الراحلة إلى الجزائر العاصمة حيث شاركت سنة 1976 في حصة ألحان وشباب وأبدعت بأغنيتها الشهيرة "صب الرشراش"، وهي الأغنية التي حققت لها الشهرة والنجاح في عالم الفن ما ادى الى اكتشاف قدراتها الصوتية العالية والمميزة و تسابق الملحنين والشعراء آنذاك للتعامل معها.
وإلى جانب مسارها الغنائي شاركت الراحلة زوليخة سنة 1972 في الفيلم التلفزيوني الطويل بعنوان "السخاب"، للمخرج محمد حازورلي إلى جانب دورها في فيلم سينمائي أنتج سنة 1977 بعنوان "زيتونة بولهيلات" رفقة الراحل عز الدين مجوبي للمخرج ندير محمد عزيزي .
وبعد معاناة مع للمرض توفيت الفنانة القديرة زوليخة يوم 15 نوفمبر 1993 عن عمر يناهز 37 سنة تاركة وراءها أكثر من 120 أغنية مسجلة في الإذاعة والتلفزيون الجزائري، في مختلف الطبوع الغنائية الجزائرية الأصيلة.