أبرز الأستاذ بودين محمد رئيس جمعية تواصل الأجيال لأبناء الأسرة الثورية بوهران في احتفالية اليوم الوطني للمجاهد أن عبقرية الشهيد البطل زيغود يوسف وحنكته العسكرية، مكنته من تحقيق انتصار تاريخي تجسد في هجومات الشمال القسنطيني التي تعد منعرجا حاسما في تاريخ الكفاح المسلح لما حققته من انجازات على المستوى الوطني والدولي. كما أن المكاسب التي حققتها هذه الهجومات، على الصعيد الوطني والدولي ، منها تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في دورتها العاشرة المنعقدة بنيويورك في 23 ديسمبر 1955، إلى جانب التأكيد على أن الثورة التحريرية قد عمت كل التراب الوطني ولم تعد محصورة في منطقة الأوراس لوحدها، كما كانت تروج له وسائل إعلام المستعمر آنذاك، منوها بمقولته الخالدة :" إن هذا الشعب عظيم، وعظيم جدا لذا ينبغي أن نكون في مستوى هذه العظمة، وإلا كانت الكارثة العظمى" ، هذا ما قاله الشهيد زيغود يوسف المعروف بسي أحمد العسكري الفذ حين شاهد شعبية الثورة وعمق جذورها في نفوس أبناء الجزائر.والشهيد زيغوت يوسف من مواليد 18 فيفري 1921، بقرية "سمندو" التي تحمل اليوم اسمه وتقع شمال قسنطينة، زاول تعليمه في الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم، درس في المدرسة الابتدائية ونال شهادة التعليم الابتدائي ، ولأسباب كثيرة توقف عن متابعة تعليمه.
تأثر الطفل الخجول بخطب ابن باديس، تعلّم من الحدادة أن الحديد لا تلينه إلا النار، فانخرط في حزب الشعب الجزائري وعمره 17 عاما، وأصبح سنة 1938، المسؤول الأول للحزب بـ "سمندو"، وبعد حلّ حزب الشعب وتكوين حركة الانتصار للحريات الديمقراطية أصبح ممثلا لها، وبعد تأسيس المنظمة الخاصة ـ الجناح العسكري للحركة - سنة 1947 أصبح عضوا فعالا فيها، حيث أوكل إليه توفير الشروط الضرورية لاندلاع الكفاح المسلح.
بعد انتخابه ممثلا لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، انضمّ للمنظمة الخاصة التي أوكل إليها توفير الشروط الضرورية لاندلاع الكفاح المسلح، وكان لمجازر الثامن ماي 1945، الأثر البليغ في انضمامه إلى الحركة. وبعد اكتشاف المنظمة سنة 1950، ألقت الشرطة الاستعمارية القبض على زيغود يوسف، بتهمة الانتماء إلى المنظمة الخاصة وسُجن في سجن عنابة إلى غاية 1952 تاريخ فراره، وبعد ذلك مباشرة إلتحق باللجنة الثورية للوحدة والعمل، التي تشكّلت لجمع الشمل وتجاوز الخلافات التي كانت بين المسؤولين في حزب الشعب، وتهيئة الجو لانطلاق الثورة.
و اضاف محدثنا أن زيغوت كان ضمن المجموعة التي اشعلت شرارة أول نوفمبر 1954، فلقد كان من بين المجموعة القيادية للمنطقة الثانية بقيادة مراد ديدوش، مسؤول الشمال القسنطيني الذي أصبح يُسمَّى الولاية الثانية حسب التقسيم المعتمد في مؤتمر الصومام فيما بعد، وبعد استشهاد مراد ديدوش، تولى زيغود يوسف خلافته في قيادة الولاية. ونظرا للحرب النفسية القاسية التي كان الاستعمار يوظفها ، لتحطيم معنويات الشعب الجزائري فكر يوسف زيغود في خطة تعطي الثورة دفعا جديدا، ومن موقع هذه المسؤولية قام بتنظيم الهجوم الشهير، و هو هجوم 20 أوت 1955، الذي كان له الأثر الكبير في التجنيد الشعبي من أجل معركة التحرير، وبعد عام كامل وفي 20 أوت 1956، انعقد مؤتمر الصومام الذي وضع الهياكل التنظيمية للثورة وعُيِّن زيغود يوسف عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية مع ترقيته إلى رتبة "عقيد" في جيش التحرير ، وتأكيده قائدا للولاية الثانية. وبعد عودته إلى الولاية الثانية وشروعه في تنفيذ قرارات المؤتمر، وخلال إحدى جولاته لتنظيم الوحدات العسكرية سقط زيغود يوسف شهيدا في كمين نصبه له العدو يوم 23 سبتمبر 1956 وعمره لم يتجاوز 35 سنة، حيث اشتبك مع العدو في معركة ضارية في ناحية "سمندو" التي استشهد خلالها بعد أن أبلى فيها بلاء حسنا.