الدكتور منير نجل محمد فوزي ملحن النشيد الوطني: فرحتي كبرى بالجزائر التي كرمت والدي بوسام الاستحقاق

الدكتور منير نجل محمد فوزي ملحن النشيد الوطني: فرحتي كبرى بالجزائر  التي كرمت والدي بوسام الاستحقاق
الذاكرة
يعتبر الموسيقار المصري الكبير الراحل محمد فوزي من الرموز التي تعتز بها الجزائر ، فهو الذي لحن النشيد الوطني الجزائري، وهو من أشهر الفنانين في مصر والوطن العربي و له الكثير من الأعمال الفنية والألحان المختلفة التي نالت استحسان الجمهور العربي و له مكانة كبيرة في قلوب الجزائريين. و قدّم الفنان محمد فوزي خلال مسيرته الفنية 36 فيلما، أنتج منها 18 فيلما، وبلغ عدد الأفلام التي أنتجها ولم يمثل فيها 47 فيلما، فضلا عن التراث الغنائي الكبير، ولحن لنفسه 239 عملا، بينما لحن 36 عملا لمطربين آخرين، و116 أغنية لمطربات، وغنى ثلاث أغنيات فقط لملحنين آخرين.و بمناسبة الأعياد الوطنية التي تحتفل بها الجزائر، كان لنا مع نجله الدكتور منير محمد فوزي هذا الحوار : - ممكن تحدثنا عن نبذة عن حياة والدتك الفنان الشامل محمد فوزي ؟ الموسيقار محمد فوزي ولد محافظة طنطا في 19 أوت 1915 ، كان يطلق عليه الفنان الشامل أي أنه كان يلحن و يغني و يمثل و على سبيل المثال، هو أول من غنى و لحن أغاني دمج فيها اللون الغربي مع الشرقي (فرنكو أراب)، كان أول من لحن و غني "لحن بدون استعمال آلات موسيقية"، أول قدم أعمال سينمائية أدى فيها أدوار فيها خفة الظل والحركة والرقص والغناء، عكس ما كان يقدم في زمنه أفلام بدون حركة أو كما تقدم على خشبة المسرح ،كذلك كان أول من قدم عمل غنائي ثنائي بينه و بين فنانة، وأكثر الأفلام السينمائية التي قدم هي عبارة عن أوبرات تحكي "حدوثة" معينة عن طريق الغناء و التمثيل وتقدم لوحة جميلة جدا، وهو أيضا أول من قدم أفلام ملونة وقبله كانت تقدم الأفلام بالأبيض والأسود، وعمل فلمين وتكبد خسائر فادحة و حرقت ولم تكتمل وأعاد تصويرها من جديد ايمانا منه بفنه ، وبذلك كان أول من أنتج الأفلام الملونة في مصر، وهو من أكثر الناس التي غنت أغاني دينية خاصة في شهر الكريم برمضان، وأول من غني في مصر والعالم العربي أغاني للأطفال وحتى هذه اللحظة مازالوا يغنوا هذه الروائع و هذا انجاز عظيم مثل "ذهب الليل طلع الفجر" ، و"ماما زمنها جايا ".ومحمد فوزي، كان انسان مرح و بسيط و من الممثلين الذين لهم قبول عند الناس و أفلامه في هذا العصر عندما تتفرج عليها، تجد نفسك سعيدا بمشاهدتها فبعد أكثر من 60 أو 70 سنة من إنجاز هذه الأفلام، أنا شخصيا تشدني رغم أنني أكون مطلع على القصة ومحتواها و حافظ كل الكلام، لكن في نفس الوقت من بسطتها تجدي دائما أن الفيلم له معنى عميق وله دلالة و رسالة معينة لها علاقة بالمجتمع . محمد فوزي هو أيضا أول من عمل مصنع للاسطوانات في الشرق الأوسط ، "مصر فون " و هو مصنع قومي لأن الأغاني كانت تسجل مع شركة أجنبية كاريوفون ، وكانت هذه الأغاني تكلف مبالغ مالية كبيرة جدا للفنان أو المتج ، فكان يشجع الصناعة القومية في مصر، و الحقيقة إنه موسوعة و لا يمكن أن يغطي المرء جميع الجوانب لحياة محمد . • كيف تم تلحين نشيد " قسما" من قبل محمد فوزي ؟ القصة في هذه الفترة كانت متعلقة مع بدايات الثورة الجزائرية و جبهة التحرير الوطني و نحن في مصر بالذات عندنا علاقة تربطنا بالجزائر ، خصوصا و نحن كن قد تحررنا من الاستعمار البريطاني و كن نحس بإحساس الإخوة الجزائريين الذين كانوا مستعمرين من قبل الفرنسيين، وأنا شخصيا في هذه الفترة كان سني حوالي 9 سنوات، وكن نسمع في المدارس عن الثورة التحريرية الجزائرية و كن عايشنها أحداثها يوميا ، وفي هذه الفترة حاول أحدهم أن يلحن النشيد الجزائري لكن لم يوفق، ولما سمع ولدي محمد فوزي عن هذا الأمر طلب أنه يلحن النشيد الجزائري الذي كتبه مفدي زكرياء بدمائه في السجن، و فعلا أتى بالفرقة الموسيقية ولحن النشيد و قبل من لجنة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وتم اعتماد النشيد كنشيد وطني لدولة الجزائر، وأهداه إلى الجزائر والثوار مجانا تأييدا لثورة التحرير الخالدة في قلب مصر ، و مرت السنين الى غاية ما اتصل السفير الجزائري لأول مرة بأخي نبيل محمد فوزي رحمه الله و قال له أن الجزائر تريد أن تكرم محمد فوزي وأخي كان من أبطال حرب أكتوبر و ذهب إلى الجزائر ، وأنا في تلك الأيام كنت في ذروة نشاطي الطبي و لم أكن أشارك في أي نشاطات يخص ولدي و شغلي كان يمتص كل وقتي، ثم بعدما توفي أخي الأكبر تحملت أنا المسؤولية لأن محمد فوزي تحبه الجماهير العربية ، وهناك مؤتمرات و حوارات و لقاءات تلفزيونية تحاول أن تسترجع تاريخ محمد فوزي فبدأت أدخل في هذا المجال حفاظا على تراث والدي رحمه الله . و عندما أراد فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رحمه الله أن يكرم الفنان محمد فوزي لأنه لحن النشيد الوطني الجزائري، اتصلوا بي لكن الحقيقة كانت ظروفي لا تسمح للحضور، فحضر إبني الأكبر عمر جاء و استلم الجائزة ومُنح وسام الاستحقاق الوطنى للفنان المصرى الراحل محمد فوزى، ملحن النشيد الوطنى "قسما"، و هذا برعاية الرئيس في يوم الأحد 17 ديسمبر 2017، لتلحين النشيد الذى أهدى لحنه للشعب الجزائرى عام 1957، أي بعد 60 عامًا، وهو النشيد الذى كتبه الشاعر مفدى زكريا عام 1956، وتم تلحينه في ذلك الوقت والنشيد الوطنى الجزائرى ليس مجرد نشيد لدولة، بل هو تعبير عن ثورة بلد المليون شهيد قسمًا . طبعا دخلنا في سنوات الكوفيد ، و بعد أعوام يتصل بي السفير الجزائري و قال أنا الجزائر تريد الاحتفال بأصدقاء الثورة ، وأنا كنت مهتما جدا أن أزور الجزائر و جئت و دهشت بعدما تم استقبالي بترحيب كبير لا مثيل له و بشكل لم أتوقعه حقيقة، وأثر في نفسيتي كثيرا، حيث وجدت الكم الكبير من الحب والتقدير للفنان محمد فوزي الذي ساهم في عمل النشيد الوطني الجزائري إلى درجة أن بعض الإخوة الجزائريين الذين قالوا لي أننا نتذكر مصر يوميا وإن شاء الله تبقى مصر و الجزائر تجمعهم الإخوة أبد الأبدين وهناك أمور تسعدني وأحب أن أشارك فيها لأن فعلا شخصية محمد فوزي شخصية تستحق التقدير وهو لم ينل هذا التقدير في حياته و بالتالي من مسؤوليتي الحفاظ على هذا الإرث الكبير بين البلدين . كيف كانت شخصية والدتك رحمه الله من الجانب الانساني و كيف كانت علاقته بأولاده خاصة و أنت طفل ؟ والدي محمد فوزي كان بنفس شخصيته المرحة التي يظهر بها في أفلامه، و لا أذكر أنني رأيته حزينا في أي موقف صعب مرّ به، لأنه كان يجيد إخفاء مشاعره السلبية، ابتسامته و دمه الخفيف و كان يحب أن يقول نكت و يضحك و هناك فترة حياته لا أريد أن أتذكرها لأنها كانت صعبة و بعد ذلك توفي رحمه الله في 20 أكتوبر عام 1966 عن 48 عاما، بعدما قدّم 36 فيلما أنتج منها 18 فيلما، وبلغ عدد الأفلام التي أنتجها ولم يمثل فيها 47 فيلما، فضلا عن التراث الغنائي الكبير، وبينه تلحينه لنفسه 239 عملا، بينما لحن 36 عملا لمطربين آخرين، و116 أغنية لمطربات، وغنى ثلاث أغنيات فقط لملحنين آخرين. . • كم ولد أنجب الفنان محمد فوزي ؟ تزوج ولدي عدة زيجات و نحن أولاده من الزوجة الأولى والدتي السيدة هداية ، فهناك أخي نبيل ضابط مهندس و سمير مهندس، وأنا طبيب وأستاذ في كلية الطب بجامعة عين شمس وأخي عمر رحمه الله نجل السيدة مديحة يسري و قد توفي شابا صغيرا في حادث سيارة . أما علاقتي مع والدي فكانت جميلة رغم أننا كن لا نراه كثير بحكم أننا كن في المدارس وهو في شغله يخرج صباحا من البيت باتجاه استوديو الأهرام أو يذهب إلى مكتبه ليتفق مع فنانين على أفلام أو أغاني جديدة و يعود بليل ، لكن كان أب رائع في حنانه و حبه و بساطته . • ما هو شعورك في أول زيارة لك للجزائر و استقبال شعبها لنجل الرمز محمد فوزي ؟ أنا لم أكن أعرف الشعب الجزائري وكان عندي احساس خاطئ عن الجزائر بسبب الصحافة التي لا تقدم الحقيقة الصادقة، (و ما يصدقوا يحصل حاجة يروحو يوقعوا بين الشعوب وبعضها) ، وكان عندي تحفظ كبير وقلت في نفسي "أنا عندي مهمة أعملها وأرجع "، وتفاجئت بكرم وأدب و حسن لقاء الشعب الجزائر وابتسامته وترحيبه ومحبتهم للمصريين وأنا الآن تأكدت أن بعض المنسوبين على الاعلام التلفزيوني والصحافة، أكيد وسائل مشبوهة، فالشيء الذي شاهدته لم يكن مثلما كانت تروج له الصحافة، لقد وجدت استقبال و محبة من القلب والكل يريد أن يرضيك بأي طريقة، ذا كان انطباعي في هذه الزيارة للجزائر و سعيد جدا بمحبة الجزائريين لإخوانهم المصريين . • ما هي كلمتك التي توجهها للشعب الجزائري في نهاية هذا الحوار . من أسعد لحظات حياتي كانت تتمثل في تكريم والدي من قبل الحكومة الجزائرية، فعندما ذكر اسم محمد فوزي، وتكريمه من خلالي، كل الناس الموجدين وقفت و السيدات زغردت، كان شعور جميل و رائع من الشعب و الحكومة الجزائرية لن أنساه وأتمنى من الله أن تبقى المحبة بين الشعوب العربية عامة و بين الشعبين المصري و الجزائري إلى الأبد.

يرجى كتابة : تعليقك