...وتصنع الجزائر، مجددا التاريخ ..وتُبهر في صناعته ..تاريخٌ كله فخر وعزّة ومجد، إنجاز عشناه مباشرة من أرض الجزائر، وباركه كل العرب َ ..
التاريخ، 15 أكتوبر 2022، المكان قصر الأمم بالجزائر العاصمة، الفصائل الفلسطينية تقرر طيّ صفحة الانقسام والتناحر، وتعلن تحقيق المصالحة وإقرار وحدة الصف الفلسطيني .. المصالحة التي لم تكن لتتحقق، لو لم تكن بأفكارٍ ومساعٍ و اجتهاد جزائري، وعلى أرض الجزائر، وبرعاية الجزائر ..
إنجاز تاريخي، ينقلنا بالذاكرة إلى إعلان ميلاد دولة فلسطين الذي كان على أرضنا، بنفس المكان والقاعة، في 15 نوفمبر 1988، في الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني، وكلمات تاريخية نحفظها على لسان الشهيد الراحل ياسر عرفات "...نعلن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .."
ويزيدنا فخرا، نحن الجزائريون، ما أجمعت عليه وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وهو أنّ الجزائر نجحت في اختراق الانقسام الفلسطيني، الذي نخر المجتمع الفلسطيني طيلة 15 سنة من الصراعات والصدامات والفرقة السياسية بين أبناء الوطن الواحد ..
وإذ تمّ على أرض الثوار، لمّ شمل الفلسطينيين بحضور وتزكية وتوقيع ومباركة 14 فصيلة سياسية، بوثيقة اتفاق حملت اسم "إعلان الجزائر" حول لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، فالجزائر تلتزم بتنفيذ بنود هذا الاتفاق، وعلى أرضها سيعقد المجلس الوطني الفلسطيني مؤتمره، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تنفيذا لإعلان الجزائر ..
إنّ "إعلان الجزائر" حول المصالحة الفلسطينية، لم يأتِ بالصدفة أو من العدم، فالجزائر راهنت على لمّ الشمل الفلسطيني كمقدمة للمّ الشمل العربي، فباشرت مطلع هذا العام، الاتصالات والمحادثات بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وكان للقاء المصالحة الأول الذي تحقق على أرض الشهداء، برعاية الرئيس عبد المجيد تبون، وجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس )، في 6 جويلية 2022 بالجزائر العاصمة، بالغ الأثر في إنجاح إعلان الجزائر حول لمّ الشمل الفلسطيني الذي شهد حضور تمثيل دولي وعربي مميز ..
وإذ لقي "إعلان الجزائر" لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، ترحابا كبيرا من قبل الدول العربية، وجميع الأحرار في العالم، فهو يُمهّد لأن تكون قمة أول نوفمبر بالجزائر، محطة حاسمة وجديدة في تاريخ الوطن العربي، وهي القمة التي يجتمع فيها العرب على أرض الشهداء، لرفع التحدي من أجل بيتٍ عربيٍ واحد وموحّد ...
لقد سمع العالم أجمع، كلمات الرئيس عبد المجيد تبون الذي رعى، وأشرف على إنجاح اجتماع الفصائل الفلسطينية: " ...هذا اليومُ تاريخيٌ، وأشكر كل الفصائل لأنها لبّت رغبة الشعبين الفلسطيني والجزائري..رغم النكسات والمؤامرات... الحمد لله عادت المياه إلى مجاريها، وعن قريب سنرى حقيقة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة إلى حدود 1967 وعاصمتها القدس ...."
اعتلتنا النشوة والفخر، ونحن نستمع لممثلي الفصائل الفلسطينية، إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، وهو يقول "...لا يوجد كلمة شكر نعبر بها عما تَحقَّق على أرض الجزائر ..هو يوم أفراحِ في الجزائر والأمة العربية ومحبي الحرية في العالم، وهو يوم أحزان في الكيان الصهيوني ..فليحزنوا .."، وعزّام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية لما قال :"..إعلان الجزائر سيُنفذ ولن يبقى حبرا على ورق .."وآخرون خلصوا إلى القول ..أنّ تكريم فلسطين يجب أن يكون بهذا الشكل ..
هي الجزائر إذن التي عودتنا على صناعة المعجزات..هي الجزائر التي تكتب التاريخ بأحرف من نور، كما عبر بذلك الشارع الفلسطيني ...هي الجزائر التي ما فتئت تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وضِمنه انتخاب الجزائر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بين سنتي 2023-2025، بعد الحصول على أصوات 178 عضوا ..هي الجزائر التي ستجمع العرب في قمة نوفمبرية، تلقى كل القبول والإجماع العربي والدولي، والفضل كل الفضل للدبلوماسية الجزائرية التي عودتنا بحنكة سياسييها وقوة مؤسساتها على تحقيق المعجزات وصناعة المواقف التاريخية، ونحن اليوم نعيش بوادر رؤى عربية موحدة ستحققها قمة جزائر الشهداء..