باتنة: معركة ''تبابوشت'' فاتحة الثورة بالأوراس بأسابيع قليلة بعد 1 نوفمبر 1954

باتنة: معركة ''تبابوشت'' فاتحة الثورة بالأوراس بأسابيع قليلة بعد 1 نوفمبر 1954
الذاكرة
تعد معركة تبابوشت بكيمل الواقعة جنوب شرق مدينة باتنة حسب ما جاء في شهادات مجاهدين فاتحة الثورة التحريرية التي خاضها جيش التحرير الوطني ضد قوات الإحتلال وهزت منطقة الأوراس وذلك بأسابيع قليلة بعد اندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر 1954 . و قد وجد عديد المجاهدين الذين عايشوا وقائع تلك المعركة ممن تحدثت إليهم وأج سواء المتوفين منهم أو الذين بقوا على قيد الحياة صعوبة كبيرة في تحديد تاريخها بالضبط وأجمعوا على أنها جرت ما بين 27 نوفمبر والسابع ديسمبر من سنة 1954. وأكدوا على أن تلك المعركة المتميزة ستبقى إحدى معجزات الثورة التحريرية على حد تعبيرهم ، لأنها حولت غابة كيمل إلى مقبرة جماعية لعساكر العدو الذي خسر فيها المئات من جنوده. ويتذكر المجاهد الشريف بوجنيفة وهو أحد المجاهدين القلائل الذين عايشوا وقائع المعركة وما زالوا على قيد الحياة أنها تستمد خصوصيتها من زمان ومكان وقوعها وأيضا تحولها إلى مصيدة مميتة لجنود العدو. و قال المتحدث : ''لم نخطط للمواجهة التي فرضت علينا وكنا ناقصين عددا وعدة لكن لحسن حظنا تولى جنود الاستعمار مهمة تصفية بعضهم البعض دون أن يدركوا ذلك لكثافة غابة كيمل وصعوبة تضاريسها وجهلهم بتضاريس الجهة'' . رحلوا بعد أن وثقوا بشهاداتهم لمعركة تبابوشت وعلى الرغم من أن أغلب الذين عايشوا تلك المعركة من المجاهدين رحلوا تباعا إلا أنهم وثقوا بشهاداتهم قبل ذلك لظروف وقوعها واقتصار الخسائر في أوساطهم على 7 شهداء كان أولهم محمد صبايحي بعد أن قتل عددا من جنود العدو، وفق ما تضمنته شهادة المجاهد الراحل محمد جرمون. وحسب شهادات مجاهدين من المنطقة سبق لوأج أن حاورتهم وهم : جودي كيور ومحمد بن عمر بيوش و لخضر أوصيف، فإن " نقطة الالتقاء تمت بمنطقة سيدي علي القريبة من كيمل، حيث قسموا إلى 3 أفواج بمجموع حوالي 80 مجاهدا من بينهم فوج من خنشلة تابع لعباس لغرور والثاني من وادي عبدي بآريس والثالث من كيمل بعد أن سمعنا أن جيش التحرير الوطني سينظم اجتماعا بهذه المنطقة لإعادة تنظيم الأفواج " . أما الشهادة المسجلة للمجاهد الراحل لخضر أوصيف، فجاء فيها: " إن ممرض عباس لغرور يدعى بوبكر سالم أخبرنا ليلا عن إفلاته بأعجوبة من قبضة قوات الاحتلال بعد أن صادفها في طرف الغابة فتأكدنا نحن المجاهدون بأن العدو اكتشف أمرنا و سارعوا إلى التخفي في منطقة صفاح اللوز الوعرة والحصينة''. إقرأ أيضا: متحف المجاهد بباتنة: سباق مع الزمن لتسجيل شهادات الأحياء من مجاهدي الثورة التحريرية و بعد أن أدركوا بأن وقوع معركة شرسة أصبح أمرا وشيكا وهو ما تم فعلا إذ بدأت المعركة في صباح اليوم الموالي حيث حوصر حوالي 34 مجاهدا من طرف العدو فيما تمكن الباقي من الابتعاد عن منطقة الخطر، حسب ما تضمنته ذات الشهادة. و تفيد ذات الشهادات بأن " المجاهدين تمكنوا بعد الحصار من تغيير موقعهم في مكان منخفض أسفل الوادي لكنهم بوغتوا بوابل من الرصاص ما اضطرهم اإلى تبادل إطلاق النيران بكثافة ولم يتفطن عساكر الاستعمار لكون فوج منهم مقابل لهم على الضفة الأخرى للوادي لتتحول المعركة إلى قتال بين فوجي جيش الاحتلال دون علمهم بذلك كونهم يجهلون بتضاريس المنطقة وكثافة غاباتها " . و أكد المجاهد المتوفي عمر بوسجادة أحد الناجين من المعركة بأن " عساكر المستعمر استمروا في نقل جثث قتلاهم المكدسة على بعضها طيلة 4 أيام في شاحنات عسكرية عادت لتنتقم بوحشية من المدنيين العزل بالقرية وتطلق النار على كل جسم يتحرك دون تفرقة بين الإنسان والحيوان " . وتشير ذات المصادر إلى أن المعركة وقعت بعمق غابة كيمل الكثيفة ودامت أكثر من 24 ساعة بمشاركة عدة أفواج من المجاهدين بعد أن وحدت قيادتها تحت إشراف بشير ورتال المدعو سيدي حني بمساعدة المسعود بن زحاف بعد أن أدركت تعداد العدو وعدته. وذكر الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين العابد رحماني أن معركة تبابوشت الشهيرة سبقتها يومي 16 و17 نوفمبر 1954 مجزرة قرية ''سرى الحمام'' بكيمل التي تم تدميرها عن آخرها بطائرات العدو التي أمطرت ساكنيها ليلا بالغازات السامة والقنابل المدمرة وذهب ضحيتها 75 شهيدا من المدنيين العزل كلهم من النساء والأطفال والمسنين. ودعا المتحدث إلى أهمية توثيق تلك الأحداث و إقامة نصب تذكارية لتبقى عبر الأجيال شاهدة على تضحيات الشعب الجزائري من أجل انتزاع استقلاله و دليل حي على بشاعة المستعمر الغاشم و وحشيته.

يرجى كتابة : تعليقك