مرت أمس الذكرى الـ 19 على وفاة السياسي و رئيس الحكومة المؤقتة المجاهد بن يوسف بن خذة ، الرجل الذي ناضل طويلا من أجل التعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية
حسب الدكتور سمير ناصري أستاذ التاريخ فإن المجاهد بن يوسف بن خدة من أطال الرعيل الأول الذين لم يبخلوا بالتضحيات من اتجل اسماع صوت الجزائر مدويا في المحافل الدولية و المطالبة بتقرير المصير ، و الفقيد من مواليد 23 فبراير 1920 بالبرواقية ولاية المدية من عائلة ارستقراطية كان أبوه قاضيا،و قد لازم في طفولته المدرسة القرآنية والمدرسة الفرنسية وتابع دراسته بثانوية دوفيريي بالبليدة (ابن رشد حاليا) وهناك تعرف على كل من لمين دباغين وعبان رمضان وسعد دحلب وعلي بومنجل ومحمد يزيد وانخرط مبكرا في الكشافة الإسلامية قبل أن يلتحق بالحركة الطلابية. تابع دراسته الجامعية في الصيدلة بجامعة الجزائر التي تحمل اسمه الآن وبعد تخرجه اشتغل في البليدة كصيدلي عام 1951.
ناضل في صفوف حزب الشعب الجزائري بصفة سرية، وفي أفريل 1943 أوقفته السلطات الاستعمارية بتهمة الدعاية ضد تجنيد المسلمين الذي أقره الحاكم الجنرال بايرتون من أجل إدماجهم في المجهود الحربي. قضى 8 أشهر في السجن دون محاكمة. وفي عام 1946 وتحت إدارة حسين لحول كان ضمن فريق إدارة فريق تحرير جريدة الحزب وعنوانها الأمة الجزائرية رفقة عيسات إيدير وعبد المالك تمام. وبهذه الصفة شارك في المؤتمر الأول لحزب الشعب حركة انتصار الحريات الديمقراطية الذي انعقد في 15 و 16 فبراير 1947 بالجزائر العاصمة وأصبح بعدها عضوا في اللجنة المركزية. وفي نفس السنة أصبح رفقة محمد بن مهل مسؤول الطبعة الفرانكفونية للجريدة التي كانت تصدر بالعربية والفرنسية تحت عنوان المغرب العربي وهي قريبة في طرحها من أفكار الحزب. كما كلف في عام 1949 بمتابعة التحرير لجريدة الجزائر الحرة اللسان الجديد الناطق باسم حركة انتصار الحريات الديمقراطية وبالموازاة كان يرأس الفوج المركزي للدعاية والإعلام.
وفي عام 1951 عوض حسين لحول الذي استقال من منصب أمين عام حركة انتصار الحريات الديمقراطية. وبعد ثلاثة أشهر من انعقاد المؤتمر الثاني لحركة انتصار الحريات الديمقراطية الذي انعقد في 4، 5 و6 أفريل 1953 ثبت بن خدة في منصبه أمينا عاما للحركة. وبعد اندلاع النزاع بين أنصار اللجنة المركزية ومصالي الحاج قام بن خده بزيارته مرتين بين جويلية وأوت 1953 وهو ما أدخل بن خدة من جديد في دوامة مع حسين لحول وانتهى المؤتمر الثالث للحركة بين 13 و 16 أوت 1954 بتثبيته في منصبه من جديد إلا أن انقسام الحزب بات أمرا مقضيا. ومع اندلاع الثورة التحريرية كان بن خده وبعضا من رفقائه قد أودعوا السجن. وبعد أن أفرج عنه في أفريل 1955 اتصل به عبان رمضان الذي كان مسؤول جبهة التحرير الوطني بالجزائر العاصمة ودخل على التو في صفوف جبهة التحرير الوطني رفقة الكثير من الرفقاء المركزيين. ظل على صلة وثيقة وتنسيق مع عبان رمضان وضم إلى جانبه سعد دحلب الذي أطلق معه جريدة المجاهد اللسان الرسمي لجبهة التحرير الوطني. وساهم في تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وإنجاز النشيد الوطني قسما وفي مؤتمر الصومام الذي لم يشارك فيه عين عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية وأحد أعضاء لحنة التنسيق والتنفيذ رفقة عبان رمضان وبن مهيدي ودحلب وبن طوبال وكريم بلقاسم. وقد كون مع عبان وبن مهيدي الثلاثي الذي أشرف على المنطقة المستقلة للجزائر العاصمة وكان مكلفا بالتنسيق مع الولايات واتحادية فرنسا والوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني. وبعد انتهاء إضراب الثمانية أيام بين 28 جانفي و 4 فبراير 1957 وإلقاء القبض على بن مهيدي في 24 فبراير وإعدامه في 3 مارس خرج من العاصمة بأعجوبة رفقة كريم بلقاسم واتجها إلى تونس عبر الفيافي.
وبعد أن فقد مساندة عبان رمضان أصبح معزولا داخل لجنة التنسيق والتنفيذ قبل أن يزاح تماما منها رفقة سعد دحلب في أوت 1957. لكنه بقي عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية. كلف بمهمات لجبهة التحرير الوطني في لندن ويوغسلافيا وبعض البلدان العربية بين والصين وأمريكا اللاتينية وعند تشكيل الحكومة المؤقتة الأولى في سبتمبر 1958 عين وزير للشؤون الاجتماعية. ولم يكن ضمن الحكومة المؤقتة الثانية ما بين جانفي 1960 وأوت 1961 إلا أنه حل في مكان فرحات عباس رئيسا للحكومة المؤقتة الثالثة في 28 أوت 1961.
وفي عهده نجحت مفاوضات السلام مع فرنسا وأعلن وقف إطلاق النار في 18 مارس 1962 واستقبل بحفاوة جماهيرية يوم 3 جويلية 1962. تأثر بن خدة كثيرا بالصراعات التي ظهرت بين الأخوة فقرر الانسحاب من الساحة السياسية وبعد مرض طويل توفي في بيته بالجزائر العاصمة يوم 4 فبراير 2003 ودفن بمقبرة سيدي يحيى وسط جنازة مهيبة حضرتها جموع كبيرة من المواطنين ومسؤولين سامين في الدولة ودفن إلى جانب رفيقه سعد دحلب.