مستغانم : الشهيد البطل برجي عمر رمز العمل الثوري بمنطقة الظهرة

مستغانم : الشهيد البطل برجي عمر رمز العمل الثوري بمنطقة الظهرة
الذاكرة
يعد الشهيد البطل برجي عمر, منسق هجمات الفاتح نوفمبر 1954 بجبال الظهرة (شرق مدينة مستغانم)، رمزا من رموز العمل الوطني بشقيه السياسي والثوري ضد المستعمر الفرنسي، وواحدا من أولئك المنتمين للرعيل الأول الذين سجلوا أسمائهم الخالدة بحروف من ذهب في سجل الشهادة. وقد كان برجي عمر الذي ولد سنة 1923 بقرية أولاد الحاج، ببلدية ويليس سابقا (بن عبد المالك رمضان حاليا) شرق مستغانم، قد أظهر نشاطا ووعيا متميزين جعلاه يحظى باحترام وتقدير مسؤوليه السياسيين فأصبح في وقت وجيز مسؤولا جهويا في حزب الشعب الجزائري الذي انضم اليه في أربعينيات القرن الماضي. وقد حول منزله داخل القرية إلى ملاذ للمناضلين ومركز للوطنية التي كان يزرعها في ضمائر كل المنتمين للخلايا التي أسسها في قلب الظهرة الغربية، مثلما أبرزه لوأج الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين، عمار محمد، عشية الذكرى ال 68 لاستشهاد البطل المصادفة ل 22 ديسمبر 1954. وقبيل أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية, شارك برجي عمر في الانتخابات البلدية لسنة 1947 ونقل نشاطه العلني من الظهرة إلى حوض مينا بغليزان ولاسيما ببلدية يلل حاليا التي كانت وقتها جزءا من إقليم دائرة مستغانم، يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة "ابن خلدون" لتيارت, محمد بليل. ولأن نشاطه العلني والمكثف أزعج الإدارة الفرنسية وقض مضاجعها, وجد نفسه ملاحقا ودفعته المضايقات التي طالته إلى العمل السري والالتحاق في 1948 بالمنظمة الخاصة فعاد إلى منطقة الظهرة وكان حلقة الوصل بين كاسان (سيدي علي حاليا) ومستغانم ووهران رفقة مناضلين آخرين من بينهم الشهيد حمادو حسين، حسب ذات المتحدث. وفي 1953 , كان برجي عمر العنصر البارز بالمنطقة وقطبا من أقطاب العمل السري وبدأ رفقة عضو مجموعة ال 22 التاريخية الشهيد بن عبد المالك رمضان في إعداد الأفواج المسلحة التي ستطلق الشرارة الأولى للثورة التحريرية بكاسان (سيدي علي حاليا) و ويليس و بوسكي (حجاج حاليا)، حسبما أشار إليه الأمين الولائي للمجاهدين, محمد عمار. مسيرة نضالية...وبطولات ماثلة في ذاكرة سكان منطقة الظهرة وبالفعل وكما توقعت مجموعة ال 22 التاريخية وقيادة منطقة وهران, فقد كانت منطقة الظهرة جاهزة للعمل المسلح في الساعة الأولى للثورة التحريرية المظفرة. وقد عقدت في صيف 1954 ثلاثة اجتماعات لتكوين الأفواج المسلحة وتحضيرها للعمل الثوري وتحديد الأهداف الحيوية والمؤثرة للمستعمر الفرنسي، يقول البروفيسور محمد بليل. وفي كل هذه المراحل, كان الشهيد برجي عمر جزءا أساسيا من العمل وضمن الحلقة الصغرى للقيادة التي تضم كذلك الشهيدين العربي بن مهيدي (قائد منطقة وهران) وبن عبد المالك رمضان (قائد الظهرة), يضيف ذات المتحدث. وكما شارك في التنظيم, فقد قاد الشهيد برجي عمر أيضا الهجوم في ليلة الفاتح نوفمبر 1954 واستهدف عدة مواقع للمستعمر الفرنسي وبقي بعين المكان يراقب الأوضاع ويترقب برفقة ابن أخيه الشهيد برجي قدور. وبعد ساعات من العمليات التي أودت بحياة أحد المعمرين الفرنسيين, أصبح كل المناضلين مستهدفين من طرف القوات الاستعمارية وعملت على ملاحقتهم والقبض عليهم فسقط في ميدان الشرف قائد المنطقة سي عبد الله (بن عبد المالك رمضان) في 4 نوفمبر 1954 , يقول الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين. ولأنه شعر بضرورة الضغط على المستعمر الفرنسي لاسيما بعد اعتقال مرافقه الشهيد برجي قدور واقتياده إلى مركز الاستنطاق والتعذيب ثم فراره بعد ذلك, لم يتوقف برجي عمر طيلة 52 يوما التالية عن الكفاح المسلح بالمنطقة، كما أبرز البروفيسور بليل. وبالرغم من كل محاولات المستعمر الفرنسي للإيقاع به والقبض عليه باعتباره مصدرا للمعلومات, تم في الأسبوع السابع من الثورة التحريرية المظفرة اكتشاف المخبأ السري الذي أوى إليه فرفض الاستسلام للدرك والشرطة الفرنسيين التي حاصرت الغابة فأتلف كل ما كان بحوزته من وثائق وصمد رفقة الشهيد برجي قدور إلى أن نالا الشهادة في 22 ديسمبر 1954. وبالرغم من مرور عدة عقود, لا تزال ذكرى الشهيدين "العم وابن أخيه" ماثلة في أذهان أبناء القرية والولاية وكل سكان منطقة الظهرة الذين لا يزالون يزورون دار البرجي باعتباره رمزا للبطولة والصمود ويستحضرون مآثرهم بكثير من الفخر والاعتزاز. يذكر أن ولاية مستغانم قد خصصت لهذا الشهيد البطل معرضا متنقلا أنجزه المتحف الولائي للمجاهد, فضلا عن ترميم دار البرجي لتكون آثرا بعد عين وتكون مسيرته جزءا مهما في السجل الذهبي الذي أنجز في 2021 وفي كتب ومقالات الباحثين والمؤرخين وفي الذاكرة الوطنية.

يرجى كتابة : تعليقك