في أجواء مهيبة خيم عليها الحزن والحسرة، ووجوه شاحبة حزينة ترفض دموعها الانصياع، كان حال مشيعي احد أعمدة الصحافة بعاصمة الغرب الجزائري الأستاذ عبد القادر دريوة الذي شيع إلى مثواه الأخير، ظهر الأربعاء، بمقبره سيدي البشير بلدية بئر الجير و بولاية وهران، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 68 سنة، إثر مرض العضال الذي لازم الفقيد وأقعده الفراش، فرغم شجاعته وتحديه لهذا المرض إلا الأجل كان كتابًا موقتًا وعجل برحيله ليلتحق بجوار ربه مساء الثلاثاء بالمستشفى الجامعي أول نوفمبر بوهران، رغم المحاولات الكبيرة للطاقم الطبي...
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار عندما انطلق الموكب من مقر سكناه بحي كناستيل إلى مسجد القدس بحي خميستي أين أقيمت صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر، ليحمل نعش المرحوم إلى وجهته الأخيرة بمقبرة سيدي البشير، أين وري الثرى بحضور الأهل والأحباب وأصدقاء دربه ومهنة المتاعب خصوصًا بجريدة "الجمهورية" بالإضافة إلى زملاء بالمنابر الإعلامية الأخرى التي مر عليها وترك من خلال مشواره بصمته لتكون زاد الجيل الحالي للكثير من الصحفيين الشباب الذين كان لهم الشرف للإستفادة من تجاربه إثر التوجيهات التي كان يقدمها المرحوم عبد القادر دريوة ليلقى الإحترام والثناء بالإضافة إلى ذكر صفاته الحميدة في كل مجلس يذكر فيه إسم دريوة، لتكون نفس العبارة للمشعين الذين أجمعوا أن المرحوم عبد القادر دريوة كان رجل مواقف، ولم يكن من هؤلاء الذين اتخذوا من مهنة الإعلام وسيلة للدنيا، بل كان مهنيا وأستاذا وإعلاميا وناصحا ومربيا، يدعو إلى الجدية والثبات واحترام المهنة بنفس طويل، حيث لم يختلف مع أحد إلا في الحق، فقد كان تعامله مع الجميع بأدب، وأخلاق عالية، ويؤمن بأن في الخصومة أخلاق وقد كان محبوبا من الجميع إلى آخر دقيقة من حياته فرغم مكوثه في المستشفى مرارة المرض إلا أن زيارة الزملاء والأصدقاء له لم تخلو من الفكاهة خفة الروح.
كما أنه يعتبر الفقيد من الأساتذة الكبار في مجال تدريس اللغة الألمانية بعدما حصل على ليسانس والماجستر في اللغة الألمانية بجامعة وهران كما كان ورغم كبر سنه يحضر لشهادة دكتوراه في الألمانية إلا أن الأجل كان عجل برحيله. كما عمل أيضًا ضنت المجتمع المدني وسبق أن ترأس المجلس الشعبي البلدي لبئر الجير خلال العشرية السوداء و لم تكن تلك المهمة بالأمر الهين، ورغم هذه السيرة الذاتية الثقيلة إلا أنه كان متواضعًا ومحبًا للجميع ويقدر كل مجتهد رغم قلة مستواه الدراسي أو المهني، بل كان يشجع الكفاءات ويقدرها أكثر من شيء آخر وهو ما جعله محبوب الجميع، إلا أن الأجل والقدر كانا أقوى من تحدي وإصرار الرجل لمصارعة المرض الخبيث، ليفارقنا الأستاذ دون رجعة إلى عالم الحق.، فرحم الله عبد القادر ذريوة وألهم أهله الصبر والسلوان.