جمال بن صابر أيقونة الفن الرابع

جمال بن صابر أيقونة الفن الرابع
ثقافة
جمال بن صابر أيقونة من أيقونات الفن الرابع بالجزائر، وأحد أعمدة المسرح المستغانمي الذي رحل عن عالمنا منذ أيام عن عمر ناهز 81 سنة بعد مرض ألزمه الفراش، ودّعته مدينته مستغانم و أكيد لن تنسي ما قدمه لها من أعمال فنية كبيرة، فجمال بن صابر فنان من طينة الكبار قدّم مسيرة فنية حافلة بالعطاءات، وكانت له بصماته المتميزة في العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية.. الفنان الراحل من مواليد 1941 بمستغانم، تتلمذ على يد عمالقة الفن الرابع، وبدأ مشواره الفني مبكرا سنة 1958 مع الجمعية المسرحية والموسيقية "السعيدية" ثم التحق بفرقة "مسرح القراقوز" لأب المسرح الجزائري ولد عبد الرحمان كاكي في نهاية الخمسينيات، لينضم بعد الاستقلال إلى المسرح الوطني الجزائري حديث النشأة، إلى غاية 1971 لينتقل إلى فرنسا لإجراء تربص في السمعي البصري وعاد بعدها إلى مسقط رأسه مستغانم أين قدم العديد من الأعمال المسرحية عن طريق جمعية "الإشارة" يعد جمال بن صابر أول مسرحي جزائري فكّر في التحرّر من بناية المسرح، وذلك تأثرا بجان فيلار الذي كان يدعو إلى مسرح شعبي احتفالي مفتوح، فقد كانت له أكثر من تجربة مسرحية حاول فيها الهروب من العلبة الإيطالية، وكانت مغامراته تتمدّد دائما خارج المسرح فاختار أن يقدم عروضه للجماهير إما في ساحة بلدية مستغانم أوالساحات العمومية وملاعب كرة القدم، والذي اعتبرها وسيلة لتقريب المسرح من الجمهور، حيث قدّم أول مسرحياته خارج أسوار المسرح في ملحمة مستغانم والتي تدور أحداثها حول تاريخ مستغانم القديم من العهد التركي إلى غاية احتلال فرنسا لهاته المدينة . واشتغل الراحل بعمق على مسرحيات ولد عبد الرحمن كاكي سنوات السبعينيات في مسرح جمعية الإشارة، التي كانت بمثابة امتداد لفرقة القراقوز. واكتشف معنى الثلاثية فنيا وأدبيا بفضل مسرح كاكي، فقد شكلت مسرحيات” 132 سنة، شعب الظلمة، إفريقيا قبل الواحد” ثلاثية لما يمكن وصفه بالمسرح السياسي الثوري بالنظر للرسائل الإنسانية القوية التي ينتقد من خلالها كاكي النزعة الكولونيالية للدول الغربية. أبدع المسرحي جمال بن صابر طيلة مساره الفني في إنتاج الملاحم المسرحية التي كانت تعرض في الفضاءات المفتوحة وساهم في إرساء حركة مسرحية في المدينة تختلف عن سابقاتها، منها مسرحية 1 نوفمبر 1954 عرضت أمام مقر دار البلدية وهذا إحياءً لذكرى الأربعين لاندلاع الثورة التحريرية. ملحمة سيدي لخضر بن خلوف، وقد عرض هذا العمل بالملعب البلدي للمدينة. مسرحية تاريخ مستغانم، وهي مسرحية تؤرخ لتاريخ مستغانم القديم وقد استخدم بن صابر في هذه المسرحية الخيالة. ولزمه الأمر إلى هدم حائط للمركز الثقافي المجاور للملعب وهذا لتسهيل دخول الفرسان بخيولهم للملعب، ومسرحية للأطفال بعنوان يا ولادي قدمت في ملعب مستغانم الكبير شارك في التمثيل 800 طفل. وأسس الراحل الجمعية الثقافية "الإشارة" سنة 1975 مع مجموعة من المسرحيين، وكان رئيسا لتعاونية "الكانكي" كما ساهم في تكوين أجيال من الفنانين المسرحيين، وشغل محافظا للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بين 2007 و2011 وعضوا فعالا في الحركة المسرحية الوطنية والمحلية. إلى جانب المسرح قدم جمال بن صابر عديد الأعمال كمخرج وممثل ومساعد تقني في إنتاجات سينمائية ومسلسلات درامية للمؤسسة العمومية للتلفزيون، ونال الجائزة الذهبية في مهرجان سينمائي دولي بتونس سنة 1975 وجائزة وطنية في مهرجان مسرحي بولاية سيدي بلعباس. ويعرف عن الراحل أنه من أهم المخرجين المسرحيين الذين اشتغلوا في معظم مسرحياتهم على السينوغرافيا التراثية كينونة وهوية وتأسيسا وتأصيلا، بحيث كان يوظّف في مسرحياته التراثية الرقصات الشعبية، والألعاب الاحتفالية والأمثال والأهازيج الموروثة والأشعار العامية، والملحون،والزجل، والتاريخ، والخرافة وغيرها، بحيث تعامل مع التراث من ناحيتين، اهتم أولا بالتاريخ الجزائري وتاريخ مدينة مستغانم تحديدا، وتعامل ثانيا مع التراث الشعبي الجزائري.

يرجى كتابة : تعليقك