لم تعد شوارع وسط وغرب وهران تكتنز الصور والمشاهد الجميلة لأجواء رمضان والسهرات العائلية التي كانت بوصلتها سابقا لا تتوقف كلما حل الشهر الفضيل ، ولم تستطع الأحياء العريقة المتواجدة بقلب المدينة الحفاظ على حركية العقود الماضية بعد الزحف الكبير نحو شرق المدينة .
طلقت أحياء وسط وغرب الباهية و بلا رجعة نكهة رمضان التي اعتادت عليها بعد هجر مضاجعها ورحيل سكانها وزحف عائلاتها نحو أقطاب جديدة ، اختارت فيها مرفأ مغاير حديث التشييد يضم كل المرافق والهياكل الخدماتية التي يحتاجها هذه الأخيرة .
وفقدت تلك المواقع بريقها وحنّت إلى وقع الأقدام التي غادرتها في رحلة طويلة وعشش السكون زواياها المهجورة وتمنت أن يعود زمانها وتفتح ذراعيها لسكانها الأصليين الذين انتقلوا من المدينة القديمة والدرب وأحياء البدر واكميل والقائمة طويلة لا تعد ولا تحصى إلى مجمعات سكنية بالجهة الشرقية احتضنت المرحلين والزوار من باقي الأحياء ومن خارج الولاية الذين وجدوا ضالتهم في والمساحات التجارية الكبرى المفتوحة .
و مع التوسع العمراني الكبير للمدينة الجديدة وعمليات الإسكان الضخمة المبرمجة في السنوات الأخيرة شدت الأجواء الرمضانية الرحال وسارت في الاتجاه المعاكس وحطت بفضاءات حديثة تضم كل الموارد والإمكانيات التي تسهل عملية التسوق وتفتح شهية العائلات وتدفعها لتحويل وجهتها إلى أحياء العقيد لطفي والياسمين والسلام ونهج الأسود والتخلي عن الهياكل الخدماتية بغرب ووسط المدينة ، بعدما قررت وبرمجت كل خرجاتها وزياراتها نحو محلات بيع الملابس الجاهزة والأثاث والأجهزة الكهرومنزلية الناشطة بهذه المواقع .
فعلى خلاف المدينة العتيقة والأحياء المجاورة لها ، أضحت الجهة الشرقية تعج بالمتسوقين في المناسبات الوطنية والدينية والعطل المدرسية تزف إليها الأسر من كل حدب وصوب لاقتناء مستلزمات كل موسم ومع الوقت صنعت هذه الأحياء اسما تجاريا خاصا بها يختلف عن باقي النقاط فتنفرد بكل ما هو مميز ومغاير من حيث النوعية والسعر سواء بالنسبة للاكسسورات النسائية والأطقم الرجالية و ملابس الأطفال
ولم تكتف هذه النشاطات بالمحلات الصغيرة بل خصصت مساحات كبيرة للفضاءات التجارية المشيدة من الطراز العالي جمعت بين نقاط البيع ذات الاختصاص المتنوع و ركن التسلية المخصص للأطفال ومطاعم وقاعات الشاي المفتوحة للعائلات لتجنبها مشقة البحث عن مكان للراحة بعد عدة ساعات قضتها بين صفا التسوق ومروى تحقيق غايتها.