يتساءل الكثيرون كيف يقضي الأجانب المسلمون المقيمون في الجزائر رمضان، كيف هي يومياتهم ولياليهم في أحضان وطن غير وطنهم؟، وكيف يعيشون أجواء الصيام وتفاصيل الإفطار؟، هذه الأسئلة وجهناها بدورنا الى بعض الأجانب الذين يقيمون في وهران منذ سنوات وأغلبهم من العائلات العربية منها السورية، والتركية واليمنية بالإضافة الى الطلبة الفلسطينيين واليمنيين والبوليزاريو الى جانب الأفارقة..، وأجمع كل من صادفناهم أن في الجزائر ما يلغي شعورهم بالغربة وأنها وطنهم الثاني..وأنهم عاشوا ويعيشون شعائر رمضان بنكهته الجميلة وإن اختلفت أسرارها عن الوطن الأم فهي تحمل من الروحانيات والأصالة وعمق الهوية العربية المسلمة ما يبعث إلى السكينة والاطمئنان.
في البداية اتجهنا نحو التجار السوريين الذين ينشطون في وهران منذ أزيد من 21 سنة، سألنهاهم عن يومياتهم في رمضان فأكدوا أنهم انغمسوا كليا في المجتمع الجزائري بتقاليده وعاداته وحتى اللهجة أصبحوا يتقنونها حرفيا، بعد أن أسسوا أسرا وأصبحوا (منا وعلينا) كما قال أحدهم، لازالت العائلات السورية في غربتها تحتفظ بلمة أفرادها وقت الإفطار ولا زالت تحتفظ بأطباقها التقليدية الأصيلة مثل "المحاشي والكبة، وشوربة العدس، والمتبل والمسبحة والمقدوس واللبنية والكبسة.." مازالت تجتمع في السهرة على الحلويات السورية التي تكتسح الأسواق، فبالنسبة إليهم رمضان في الجزائر لا يختلف كثيرا عن محافظات سوريا من حيث الجو العام.
نفس التقاليد تشترك فيها أفراد الجالية التركية المقيمة بوهران والتي تتمسك بقداسة اللمة العائلية، أكد أحد المستثمرين الأتراك أنهم يعيشون نفس يوميات المواطن الجزائري في رمضان، فهم يتسوقون من سوق لاباستي، يشترون الخضر واللحوم والحلويات والمشروبات، ويقيمون صلاة التراويح في المساجد الى جانب اخوانهم الجزائريين، وهذا ما يخفف من شعور الغربة نظرا للقواسم المشتركة في روحانيات الشهر العظيم. وتشابه معالم المدينة العريقة ببعض المدن التركية.
أما العائلات الإفريقية التي تشكل أغلبية الجالية المسلمة بالجزائر بعد الجالية السورية، فهم يعيشون نفس الأجواء الرمضانية ، يحضرون أطباقهم وفق عاداتهم الخاصة، والأجمل أنهم يتذوقون تقريبا كل يوم أطباقا جزائرية يتبادلها معهم جيرانهم الجزائريين.
أما عن الطلبة المسلمين الأجانب الذين يزاولون دراستهم بجامعات وهران فهم يشاركون أطباقهم التي يحضرونها داخل الإقامات الجامعية مع الطلبة الجزائريين، يتبادلون الوصفات ويجتمعون على سفرة واحدة، في لمة تنسيهم وجع الوحدة والغربة، تنتهي بسهرة رمضانية في شوارع المدينة.
ففي وهران مهد الحضارات تجتمع كل الثقافات فلا يمكن لغريب أن يحس بغربته وسط ذلك التنوع التاريخي والاجتماعي والاقتصادي والتجاري والمعماري والعلمي الذي خلق أوجه تشابه كثيرة بين المدن الإسلامية العريقة بين شعب طيب أصيل كريم يزيد جودا وسخاء في رمضان فيصنع الأجواء الجميلة التي تنشرح لها صدور الأجانب المقيمين بوهران.