في الوطن فقط بين الأهل والأحبة تحلو أيام رمضان، هي الجملة التي يرددها كل مغترب عن بلده، لا يشعر بثقل غربته إلا في المناسبات التي يلتف فيها أفراد العائلة ببعضهم ويجتمعون في أجواء لا تنسى ولا تعوض، بينما يبقى الغريب عن الوطن غريبا لا معنى ولا طعم لأيامه بعيدا عن لمة الأحبة. وهذا مع يجعل الكثير من أبناء الجالية الجزائرية بالخارج يفضلون قضاء شهر رمضان أو أيام منه بين الأسرة والاستمتاع بنكهته التي لا تتواجد في مكان آخر غير الوطن.
مئات المهاجرين، أفراد وعائلات توافدوا عبر مطارات وموانئ الجزائر من كل بلدان العالم لاغتنام فرصة الصيام والاستمتاع بكل التفاصيل الجميلة في كنف العادات والتقاليد وتلك الخصوصية الرائعة في السهرات الرمضانية والأجواء الروحانية، صادفنا بعض الأسر المغتربة التي وصلت هذه الأيام الى وهران وكلهم فرح وسرور، منهم من يقضون رمضان مع الأهل لأول مرة ومنهم من اعتادوا المجيء خصيصا في هذا الشهر الفضيل لاغتنام فرصة الصيام والعيد بين أحضان الوالدين.
فرحة المغتربين كانت كبيرة واستثنائية هذا الموسم بعد قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تخفيض أسعار التذاكر إلى النصف لأفراد الجالية الراغبين في قضاء أيام رمضان وسط العائلة، وسمح هذا القرار بدخول عدد كبير من المغتربين إلى الجزائر، منهم من لم يزوروا الأهل منذ أعوام بسبب غلاء تذاكر النقل الجوي والبحري، جاؤوا ليعيشوا حلاوة رمضان ويزيدوا أيامه وسهراته تميزا في لمة عائلية نادرا ما تتكرر، تكسر الأشواق وتزرع الفرحة في قلوب عطشى للمة عائلية تشد أواصر الأرواح التي فرقتها الأقدار.
وهذه أسرة مغتربة بكندا عادت بعد 10 سنوات لأول مرة لتقضي جزء من رمضان ويومي العيد مع العائلة بولاية وهران، وقال رب الأسرة أن أبناءه الثلاثة يزورون الجزائر لأول مرة، وقال أن هذه السنة هي الأجمل بالنسبة لأسرته الصغيرة والكبيرة، كما التقينا بأحد المغتربين أيضا عائد من فرنسا مع زوجته الأجنبية لصيام رمضان والعيش لبضع أيام مع العائلة والاستمتاع بعداتنا وتقاليدنا وخاصة الأطباق التقليدية من يد الأم والأخوات.
شعور لا يوصف يعيشه أبناء الجالية الجزائرية وهم يعودون للوطن في أهم المناسبات وأكثر الشهور قداسة في حياة المسلمين، ويجمع الكل أن لرمضان طعم ونكهة أخرى في الجزائر من حيث اليوميات الفريدة من نوعها، والأكلات التقليدية اللذيذة والحلويات والسهرات الرمضانية، فتفاصيل هذه المتعة لا يحس بها إلا من اغترب سنوات عن الأصل والرائحة الطيبة لأرض الوطن ولحضن الأم وروعة اللقاء.
