لازلنا في شهر المدائح والمرابح ، شهر عاطر وبالخيرات زاخر نوافله كفرائض غيره ، وفرائضه أجل من فرائض غيره، وقد خص الله الشهر المبارك بالعشر المباركات ، التي بدت ودخلت ، وتجلت وظهرت ، عشر هي خلاصة رمضان ، وزبدة رمضان ، وتاج رمضان ،عشر من رحم فيها فهو المرحوم ، ومن طرد فيها فهو المحروم ،عشر فيها ليلة افضل ليالي العمر، عشر أطلت فيها غرة الدهر ، فيها أطلت ليلة القدر، مثل الكوكب الدري، عشر أطلت فيها ليله القدر، فاشرقت إشراقا مع البدر، عشر أطلت فيها ليله القدر، فكانت سلام على العباد حتى مطلع الفجر، عشر طوبى لمن عمرها بالايمان والخير، عشر طوبى لمن قضاها مع القرآن والبر، عشر فاز فيها من ناج ربه في صلاة الوتر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"( رواه البخاري ومسلم) ، وحتى يضمن المؤمن الصائم المغفرة،فيغفر له ما تقدم من ذنبه في العشر المباركات ، لابد من تجديد العهد مع الله والاحسان فيما بقي ، فمن أحسن فيما بقي غفر له ما مضى وما بقي ، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي ، قال ربنا :" وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا " سورة ا(لإسراء) فالعشر الأواخر فرصة لتجديد العهد مع المولى عز وجل بالإحسان ، والإحسان كتبه الله على كل شيء والله يحب المحسنين ، والإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك " (رواه البخاري ) ،والإحسان هو مراقبه الله والمراقبة تعظيم ما عظم الله وتصغير ما صغر الله وايثار ماآثر الله ، فالله عظم هذه العشر المباركات ، فمن علائم مراقبة العبد لربه ، تعظيم زمانها والتنافس في خيراتها ، وإيثار الطاعة على المعصية والإضاعة ، وتصغير الشيطان واتخاذه عدوا بطاعة الرحمن ،فهذا هو عين الإحسان " إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها " ،العشر المباركات فرصة لتجديد العهد مع الله باكتساب الحسنات الماحية للسيئات ،" واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " (سورة هود) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينها ما لم تغشى الكبائر" ( رواه مسلم)
تجلت العشر الزاهرات لتجديد العهد مع الله في الطاعة والبعد عن المعصية، قال جعفر بن محمد :" من نقله الله من ذل المعصية إلى عز الطاعة أغناه بلا مال وآنسه بلا أنيس وأعزه بلا عشيره". جاءتكم العشر المفخمة لتجدد العهد فتتركوا لذيذ النوم ، وجحيم الكسل ، وتقوموا في جنح الليل وترفعوا هممكم وتصدقوا وتتعرضوا لنفحات ربكم فتسابقوا وتنافسوا ، جاءتكم العشر المعظمة لتجددوا فيها العهد مع ربكم فتترفعوا عن التنازع والتخاصم ، والتصارع والتصارم ،عن عبادة بن الصامت قال :"خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى أي تخاصم وتنازع رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت"رواه البخاري …يتبع